وقيد الابتلاء من هذا القبيل ، فإنه بحكم العقل والعرف من شرائط تنجز الخطاب المتأخر من مرتبة اصل إنشائه ، فكيف يرجع إلى الاطلاقات الواردة في مقام اصل إنشائه في دفع ما شك في اعتباره في تنجزه؟ انتهى.
وفيه : انه لو كان معتبرا في التكليف كان معتبرا في الفعلية ، لا في التنجز ، بل لا يعقل ذلك ، إذ المراد من عدم التنجز إذا كان المتعلق خارجا عن محل الابتلاء ، لو كان انه في صورة الترك وعدم الإتيان بما تعلق النهي به ، لا يعاقب عليه فهذا في جميع المحرمات الداخلة في محل الابتلاء كذلك ، وان كان المراد ان التكليف يكون بنحو لو خولف لا يعاقب عليه ، فهذا مما لا يمكن الالتزام به ، إذ فرض ذلك فرض الابتلاء.
الإيراد الرابع : ما أفاده المحقق صاحب الدرر (١) ، وهو انه لا يمكن القطع بحكم ظاهري بواسطة الإطلاق والعموم ، لان المفروض الشك في ان خطاب الشرع في هذا المورد حسن أم لا؟ ولا تفاوت بين الخطاب الظاهري والواقعي.
وفيه : مضافا إلى ان الالتزام بجعل الحكم المماثل في حجية الامارات غير العلمية خلاف التحقيق وخلاف ما بنى عليه ، انه لو سلم فإنما هو في الامارات غير العلمية سندا ، واما غير العلمية دلالة ، كالظهور العمومي فهي ليست بمعنى جعل الحكم المماثل قطعا ، بل بمعنى بناء العقلاء على اتباعها عملا ، والحكم باستحقاق المؤاخذة على مخالفتها ، فليس هناك حكم ظاهري ، ليكون حاله حال الحكم الواقعي في القيد المزبور.
__________________
(١) درر الفوائد للحائري ج ٢ ص ١٢١.