مباشرة من إمامة الصلاة ، ونجيب عن الثاني بأنّ الدليل دلّ على الوجوب وهو وإن كان ظاهرا في الوجوب العيني كما عرفت إلّا أنّ الإجماع على عدمه ولولاه لما كان لنا عنه عدول ، وحينئذ فيعمل بمقتضى الأدلّة في الوجوب التخييري لأنّه فرد من الوجوب ، ومن هنا ترى القائلين بشرعيّتها مختلفين في التعبير عن حكمها. فبعضهم بالجواز ، وبعضهم بالاستحباب ، وبعضهم بالوجوب ، والمرجع واحد هو الوجوب مخيّرا بينها وبين الظهر وإن كانت عندهم أفضل من الظهر.
فإنّه لا منافاة في ذلك. إذ جميع أفراد الواجب المخيّر كذلك إذا تفاوتت بعضها على بعض في الفضيلة ، ويظهر ممّا ذكرنا أنّه لا يشترط في إقامتها المجتهد بل يكفي في ذلك من يمكنه الإمامة في الصلاة مع التمكّن من الاجتماع والخطبتين ، وباقي الشرائط لعدم ما يدلّ على اشتراط ذلك صريحا. فيبقي إطلاق الآية سالما عن المعارض.
وقد صرّح بذلك شيخنا المفيد (١) في بحث صلاة الجمعة من المقنعة حيث قال : والشرائط الّتي تجب فيمن يجب معه الاجتماع أن يكون حرّا بالغا طاهرا في ولادته
__________________
ـ ذلك جابرا للضعف عندهم.
قلت وفي طريق الحديث داود بن الحصين كما عرفت ، وقال الشيخ في رجاله عند سرده أصحاب الإمام الكاظم ص ٣٤٩ ، إنه واقفي ، وكذا نقله العلامة في الخلاصة عن ابن عقدة كما في ص ٢٢١ من خلاصته ووثقه النجاشي انظر ص ١٢٢ ، وأنظر أيضا مجمع الرجال للقهپائى ج ٢ ص ٢٨٠ وسرده ابن داود في القسم الأول الثقات مع نقل قول بكونه واقفيا انظر ص ١٤٣ الرقم ٥٧٤ وسرده الشيخ محمد طه نجف في إتقان المقال ص ٥٨ في الثقات وتوقف العلامة في الخلاصة في حقه إلا أنه وصف حديثه في أنه لا قنوت في الجمعة في المنتهى ج ١ ص ٣٣٧ بالصحة (وحديثه هذا في التهذيب ج ٣ ص ١٧ الرقم ٦١ وفي الاستبصار ج ١ ص ٤١٨ الرقم ١٦٠٥) وأكثر أهل الرجال على أن النجاشي أضبط من الشيخ ، وقد عرفت توثيق النجاشي إياه ، ويزيدنا تأييدا رواية مثل صفوان بن يحيى وجعفر بن بشير وابن أبي نصر عنه انظر الحواشي الرجالية للعلامة البهبهاني على منهج المقال ص ١٣٥ وجامع الرواة ج ١ ص ٣٠٣.
(١) انظر المقنعة ط ١٢٧٤ ص ٢٧.