صحت له السيادة ، قلنا لاختصاصه بالقرآن والعبادة ، فإن قلت قد شاركه في العبودية ، نوح وزكريا الوجيه ، قلنا : الواحد عبد نعمة ، والآخر عبد ربوبية ، ومحمد عبد تنزيه ، فإن قلنا قد شاركه يحيى في السيادة الفاخرة ، قلنا تلك السيادة الظاهرة ، ولهذا صرح بها في الكتاب المبين ، وأخفى فيه سيادة محمد سيد العالمين ، ثم صرح بها على لسانه في الشاهدين ، فهذا سيد عموم ، وهذا سيد رسوم.
(٢) سورة البقرة مدنيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
سميت سورة البقرة وآل عمران الزهراوين ، وورد أنهما يأتيان يوم القيامة صورة قائمة ، ولهما عينان ولسانان وشفتان ، يشهدان لمن قرأهما بحق.
(الم) (١)
اعلم وفقنا الله وإياكم ، أن الحروف أمة من الأمم مخاطبون ومكلفون ، وفيهم رسل من
____________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم قوله بسم الله الرحمن الرحيم آية من هذه السورة ، والباء من بسم الله متعلقة بما في المتقين من معنى الفعل ، كأنه يقول «الذين اتقوا الله بأسمائه» وإن شئت علقتها بفعل أمر محذوف ، وهو قولك «اقرأ بسم الله» لا ينبغي أن يضمر له غير ذلك ، وإن كان يجوز ، ولكن اتباع الله فيما أوحى به أولى ، قال تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) فالعالم الأديب لا يضمر إلا هذا الفعل على هذه الصيغة ، فأما ما يتضمنه من الرحمة ، فهو رحمته سبحانه بمحمد عليهالسلام بالكتاب الذي أنزله عليه حين سأل الكفار إنزاله ، فقالوا (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) فأعطاه الأمرين المعراج والقرآن ، فقال له (٢) (الم) ذلك الكتاب الذي سألوه منك هو هذا الكتاب لا شك فيه ، فهذا من أثر الرحمة من (بسم الله الرحمن الرحيم)