وكفر النعم ، فأمّا كفر الجحود : فهو الجحود بالربوبية ، وهو قول من يقول ، لا ربّ ، ولا جنّة ، ولا نار ، وهو قول صنفين من الزنادقة ، يقال لهم : الدهرية ، وهم الذين يقولون : (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ)(١) ، وهو دين وضعوه لأنفسهم ، بالاستحسان ، على غير تثبّت منهم ولا تحقيق لشيء مما يقولون. قال الله عزوجل : (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ)(٢) ، إن ذلك كما يقولون ، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)(٣) ، يعني بتوحيد الله تعالى ، فهذا أحد وجوه الكفر.
وأمّا الوجه الآخر من الجحود ـ فهو الجحود ـ على معرفة ، وهو أن يجحد الجاحد وهو يعلم أنّه حق قد استقرّ عنده ، وقد قال الله عزوجل : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) ، وقال الله عزوجل : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ)(٤) ، فهذا تفسير وجهي الجحود» (٥).
* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) (١٦) [سورة النمل : ١٥ ـ ١٦]؟!
الجواب / قال الإمام الصادق عليهالسلام : «أعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها ، فملك سبعمائة سنة وستّة أشهر ، ملك أهل الدنيا كلّهم ، من الجنّ والإنس ، والشياطين ، والدوابّ ، والطير ، والسباع ، وأعطي
__________________
(١) الجاثية : ٢٤.
(٢) الجاثية : ٢٤.
(٣) البقرة : ٦.
(٤) البقرة : ٨٩.
(٥) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٨٧ ، ح ١.