أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها) أي : أكثر مما عمرها هؤلاء الكفار ، لأنهم كانوا أكثر أموالا ، وأطول أعمارا ، وأكثر عددا ، فحفروا الأنهار ، وغرسوا الأشجار ، وبنوا الدور ، وشيدوا القصور ، ثم تركوها ، وصاروا إلى القبور ، وإلى الهلاك والثبور.
(وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي : أتتهم رسلهم بالدلالات من عند الله. وفي الكلام حذف تقديره : فجحدوا الرسل ، وكذبوا بتلك الرسل ، فأهلكهم الله بالعذاب (فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) بأن يهلكهم من غير استحقاق (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بأن جحدوا رسل الله ، وأشركوا معه في العبادة سواه ، حتى استحقوا العذاب عاجلا وآجلا.
(ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا) إلى نفوسهم بالكفر بالله ، وتكذيب رسله ، وارتكاب معاصيه (السُّواى) أي الخلة التي تسوء صاحبها إذا أدركها ، وهي عذاب النار ، ...
(أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) أي : لتكذيبهم بآيات الله ، واستهزائهم بها.
ثم ذكر سبحانه قدرته على الإعادة فقال : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) أي : يخلقهم ابتداء ، ثم يعيدهم بعد الموت أحياء ، كما كانوا. (ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) ، فيجازيهم بأعمالهم (١).
* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٤٨ ـ ٤٩.