(يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) بما نصب لكم من الدلالات التي تستدلون بها ، من الكواكب وغيرها (وَمَنْ) الذي (يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) يعني بين يدي المطر والغيث.
ومن قرأ بالنون أراد ملقحات. وقيل : معناه منتشرة. ومن قرأ بالباء أراد مبشرات بالمطر.
ثم نزه نفسه عن الإشراك به واتخاذ إله معه فقال (تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) ثم قال (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) يبدؤهم بأن يخترعهم ابتداء ، ثم يعيدهم بعد أن يميتهم ، ويعيدهم إلى ما كانوا عليه (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) من السماء بالغيث والمطر. ومن الأرض بالنبات وأنواع الثمار (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) يقدر على ذلك (قُلْ) لهم يا محمد (هاتُوا بُرْهانَكُمْ) وحجتكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في قولكم محقين في الإشراك معه ، فإذا لم تقدروا على إقامة البرهان على ذلك ، فاعلموا أنه لا إله معه ، ولا يستحق العبادة سواه ، لأن كان ما يكون حقا من أمر الدين لا بد أن يكون عليه دلالة وبرهان.
ثم قال لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم (قُلْ) يا محمد (لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) يعني الغائب عن الخلق لا يعلم به إلّا الله تعالى أو من أعلمه الله ، ثم أخبر أنهم لا يشعرون : متى يبعثون ويحشرون يوم القيامة (١).
* س ١٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ (٦٦) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا
__________________
(١) التبيان : ج ٨ ، ص ١١٠ ـ ١١١.