قبوركم بعد أن كنتم أمواتا فيها. فعبر عن ذلك بالدعاء إذ هو بمنزلة الدعاء ، وبمنزلة كن فيكون في سرعة تأتي ذلك ، وامتناع التعذر. وإنما ذكر سبحانه هذه المقدورات على اختلافها ، ليدل عباده على أنه القادر الذي لا يعجزه شيء ، العالم الذي لا يعزب عنه شيء. وتدل هذه الآيات على فساد قول من قال : إن المعارف ضرورية ، لأن ما يعرف ضرورة ، لا يمكن الاستدلال عليه (١).
* س ١٠ : ما هو معنى وسبب نزول قوله تعالى :
(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٢٨) [سورة الروم : ٢٨]؟!
الجواب / ١ ـ قال علي بن إبراهيم : إنه كان سبب نزولها أن قريشا والعرب كانوا إذا حجّوا يلبّون ، وكانت تلبيتهم : لبيك اللهمّ لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، وهي تلبية إبراهيم عليهالسلام والأنبياء ، فجاءهم إبليس في صورة شيخ ، فقال : ليست هذه تلبية أسلافكم. قالوا : وما كانت تلبيتهم؟ قال : كانوا يقولون : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك ، فنفرت قريش من هذا القول ، فقال لهم إبليس : على رسلكم حتى آتي على آخر كلامي. فقالوا : ما هو؟ فقال : إلّا شريك هو لك ، تملكه وما يملك ، ألا ترون أنه يملك الشريك وما ملكه؟ فرضوا بذلك ، وكانوا يلبّون بهذا قريش خاصة.
فلمّا بعث الله رسوله أنكر ذلك عليهم ، وقال : «هذا شرك» فأنزل الله : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، الشيخ الطبرسي : ص ٥٤ ـ ٥٥.