راجع معقب. والمفسرون يقولون : لم يلتفت. ولم يقف ، فقال الله سبحانه : (يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) وهذا تسكين من الله سبحانه لموسى ، ونهي له عن الخوف. يقول له : إنك مرسل ، والمرسل لا يخاف ، لأنه لا يفعل قبيحا ، ولا يخل بواجب ، فيخاف عقابي على ذلك.
ثم قال سبحانه (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) المعنى : لكن من ظلم نفسه بفعل القبيح من غير المرسلين ، لأن الأنبياء لا يقع منهم ظلم ، لكونهم معصومين من الذنوب والقبائح. فيكون هذا استثناء منقطعا. وإنما حسن ذلك لاجتماع الأنبياء وغيرهم في معنى شملهم ، وهو التكليف. (ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ) أي : بدل توبة وندما على ما فعله من القبيح ، وعزما أن لا يعود إليه في المستقبل. (فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي : ساتر لذنبه ، قابل لتوبته (١).
* س ٤ : ما هو معنى «السوء» و «التسع آيات» في قوله تعالى :
(وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (١٢) [سورة النمل : ١٢]؟!
الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليهالسلام لرجل من أصحابه : «إذا أردت الحجامة ، وخرج الدم من محاجمك ، فقل قبل أن تفرغ ، والدم يسيل : بسم الله الرحمن الرحيم ، أعوذ بالله الكريم في حجامتي هذه من العين في الدم ، ومن كلّ سوء».
قال : «وما علمت ـ يا فلان ـ أنّك إذا قلت هذا فقد جمعت الأشياء كلّها ، إنّ الله تبارك وتعالى يقول : (اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ)(٢) يعني الفقر ، وقال عزوجل : (لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٦٥ و ٣٦٦.
(٢) الأعراف : ١٨٨.