* س ٢٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ)(١١١)؟! [سورة المؤمنون : ١٠٩ ـ ١١١]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمهالله تعالى) : (إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي) أي : طائفة من عبادي ، وهم الأنبياء ، والمؤمنون (يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) أي : يدعون بهذه الدعوات في الدنيا ، طلبا لما عندي من الثواب (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ) أنتم يا معشر الكفار (سِخْرِيًّا) أي : كنتم تهزؤون وتسخرون منهم. وقيل : معناه تستعبدونهم وتصرفونهم في أعمالكم وحوائجكم كرها بغير أجر. وقيل : إنهم كانوا إذا آذوا المؤمنين. قالوا : انظروا إلى هؤلاء رضوا من الدنيا بالعيش الدني طمعا في ثواب الآخرة ، وليس وراءهم آخرة ، ولا ثواب ، فهو مثل قوله : (وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ. حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) أي : نسيتم ذكري لاشتغالكم بالسخرية منهم ، فنسب الإنساء إلى عبادة المؤمنين ، وإن لم يفعلوه ، لما كانوا السبب في ذلك (وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) ظاهر المعنى.
ثم أخبر سبحانه عن المؤمنين الذين سخر الكافرون منهم في دار الدنيا فقال : (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا) أي : بصبرهم على أذاكم ، وسخريتكم ، واستهزائكم بهم (أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) أي : الظافرون بما أرادوا ، الناجون في الآخرة ، والمراد بقوله (الْيَوْمَ) أيام الجزاء ، لا يوم بعينه (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢١٢ ـ ٢١٤.