أضللناهم عن الدين بدعائنا إياهم إلى الضلال ، كما ضللنا نحن بأنفسنا. (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ) منهم ، ومن أفعالهم. قال الزجاج : برىء بعضهم من بعض ، وصاروا أعداء كما قال سبحانه : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ).
(ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) أي : لم يكونوا يعبدوننا ، بل كانوا يعبدون الشياطين الذين زينوا لهم عبادتنا. وقيل : معناه لم يعبدونا باستحقاق وحجة (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) أي : ويقال للأتباع : أدعوا الذين عبدتموهم من دون الله ، وزعمتم أنهم شركائي ، لينصروكم ، ويدفعوا عنكم عذاب الله. وإنما أضاف الشركاء إليهم ، لأنه لا يجوز أن يكون لله شريك ، ولكنهم كانوا يزعمون أنهم شركاء لله بعبادتهم إياهم. (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) أي : فيدعونهم فلا يجيبونهم إلى ملتمسهم. (وَرَأَوُا الْعَذابَ) أي : ويرون العذاب.
(لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) جواب لو محذوف تقديره : لو أنهم كانوا يهتدون لرأوا العذاب أي : لاعتقدوا أن العذاب حق. وهذا القول أولى لدلالة الكلام على المحذوف (١).
* س ١٨ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) (٦٥) [سورة القصص : ٦٥]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : إنّ العامة رووا أن ذلك في القيامة. وأمّا الخاصّة ، فإنه حدثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن عبد الحميد الطائيّ ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «إن العبد إذا دخل قبره جاءه منكر ، وفزع منه ، يسأل عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيقول له :
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٤٥١ ـ ٤٥٢.