وقال الطّبرسي في (الاحتجاج) في حديث عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : «فذكر عزّ ذكره لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يحدثه عدوّه في كتابه من بعده ، بقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ) يعني أنّه ما من نبيّ يتمنّى مفارقة ما يعاينه من نفاق قومه وعقوقهم ، والانتقال عنهم إلى دار الإقامة ، إلا ألقى الشيطان المعرّض بعداوته ـ عند فقده ـ في الكتاب الذي أنزل إليه ذمّه ، والقدح فيه ، والطعن عليه ، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله ، ولا تصغي إليه غير قلوب المنافقين والجاهلين ، ويحكم الله آياته بأن يحمي أولياءه من الضّلال والعدوان ، ومتابعة أهل الكفر والطغيان ، الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالأنعام ، حتى قال : (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً)(١)» (٢).
* س ٣٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٥٦) [سورة الحج : ٥٦]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي (رحمهالله تعالى) : يقول الله تعالى إن الملك في اليوم الذي وصفه بأنه «عقيم» وأنه لا مثل له في عظم الأهوال ، فيه الملك لله تعالى وحده. لا ملك لأحد معه. وإنما خص ذلك به ، لأن في الدنيا قد ملك الله تعالى أقواما أشياء كثيرة. والملك اتساع المقدور لمن له تدبير الأمور ، فالله تعالى يملك الأمور لنفسه ، وكل مالك سواه ، فإنما هو مملك له بحكمه ، أما بدليل السمع أو بدليل العقل.
وقوله (يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) أي يفصل في ذلك اليوم بين الخلائق ، وينصف
__________________
(١) الفرقان : ٤٤.
(٢) الاحتجاج : ص ٢٥٧.