* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ (٢) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) (٣) [سورة الحج : ١ ـ ٣]؟!
الجواب / قال أمير المؤمنين عليهالسلام لأصحابه يوما وهو يعظهم : «ترصدوا مواعيد الآجال ، وباشروها بمحاسن الأعمال ، ولا تركنوا إلى ذخائر الأموال فتخليكم خدائع الآمال ، إنّ الدنيا خدّاعة صرّاعة ، مكّارة غرّارة سحّارة ، أنهارها لامعة ، وثمراتها يانعة ، ظاهرها سرور ، وباطنها غرور ، تأكلكم بأضراس المنايا ، وتبيركم بإتلاف الرزايا ، لهم بها أولاد الموت ، آثروا زينتها ، وطلبوا رتبتها ، جهل الرجل ، ومن ذلك الرجل؟ المولع بلذّاتها ، والساكن إلى فرحتها ، والآمن لغدرتها ، دارت عليكم بصروفها ، ورمتكم بسهام حتوفها ، فهي تنزع أرواحكم نزعا ، وأنتم تجمعون لها جمعا ، للموت تولدون ، وإلى القبور تنقلون ، وعلى التراب تتوسّدون ، وإلى الدود تسلّمون ، وإلى الحساب تبعثون.
يا ذوي الحيل والآراء ، والفقه والأنباء ، اذكروا مصارع الآباء ، فكأنّكم بالنفوس قد سلبت ، وبالأبدان قد عريت ، وبالمواريث قد قسمت ، فتصير ـ يا ذا الدلال ، والهيبة والجمال ـ إلى منزلة شعثاء ، ومحلة غبراء ، فتنوّم على خدك في لحدك ، في منزل قلّ زوّاره ، وملّ عماله ، حتى يشقّ عن القبور ، وتبعث إلى النشور ، فإن ختم لك بالسعادة صرت إلى حبور ، وأنت ملك مطاع ، وآمن لا يراع ، يطوف عليكم ولدان كأنّهم الجمان ، بكأس من معين ، بيضاء لذة للشاربين.