أي : وجب العذاب عليهم (بِما ظَلَمُوا) أي : بظلمهم إذ صاروا بحيث لا يفلح جهد منهم بسببهم (فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) إذ ذاك بكلام ينتفعون به. ويجوز أن يكون المراد : أنهم لا ينطقون أصلا ، لعظم ما يشاهدونه ، وهول ما يرونه.
ثم بين سبحانه قدرته على الإعادة والبعث ، بما احتج به على الكفار ، فقال : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ) عن التعب والحركات (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) أي : يبصر فيه ، ويمكن التصرف فيه لضيائه ، ويدرك بنوره جميع الأشخاص ، كما يدرك بنور البصر (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) أي : دلالات (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) لأن جعل الشئ لما يصلح له من الإنتفاع ، إنما يكون بالإختيار ، ولا يكون بالطباع (١).
* س ٢١ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (٨٧) وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) (٨٨) [سورة النمل : ٨٧ ـ ٨٨]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي (رحمهالله تعالى) : قوله (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) منصوب بتقدير ، واذكر يوم ينفخ إسرافيل بأمر الله تعالى ، في الصور ، وذلك اليوم الذي يقع عليهم القول بما ظلموا ويجوز أن يكون على حذف في الكلام ، والتقدير : ويوم ينفخ في الصور ، وتكون النشأة الثانية. واختلف في معنى الصور فقيل : هو صور الخلق جمع صورة ... ويكون معناه : يوم ينفخ الروح في الصور ، فيبعثون.
وقيل : هو قرن فيه شبه البوق ... وقد ورد ذلك في الحديث (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) أي ماتوا لشدة الخوف والفزع ، يدل عليه
__________________
(١) مختصر بصائر الدرجات : ص ٢٥.