قوله في موضع آخر (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ) الآية. وقيل : هي ثلاث نفخات : الأولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصعق ، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين. (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) من الملائكة الذين يثبت الله قلوبهم ، وهم : جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل. وقيل : يعني الشهداء ، فإنهم لا يفزعون في ذلك اليوم. وروي ذلك في خبر مرفوع ـ عنه عليهالسلام ـ (وَكُلٌ) من الأحياء الذين ماتوا ، ثم أحيوا (أَتَوْهُ) أي : يأتونه في المحشر (داخِرِينَ) أي : أذلاء صاغرين ـ أقول «هذا ما روي عن أبي جعفر عليهالسلام» (١) ـ.
وقال : قوله : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً) أي : واقفة مكانها ، لا تسير ، ولا تتحرك في مرأى العين (وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) أي : تسير سيرا حثيثا مثل سير السحاب ... وفي مثل هذا المعنى قول النابغة الجعدي ، يصف جيشا :
بأرعن مثل الطود ، تحسب أنهم |
|
وقوف الحاج ، والركاب تهملج |
أي : تحسب أنهم وقوف من أجل كثرتهم والتفافهم ، فكذلك المعنى في الجبال ، أنك لا ترى سيرها لبعد أطرافها ، كما لا ترى سير السحاب إذا انبسط ، لبعد أطرافه. وذلك إذا أزيلت الجبال عن أماكنها ، للتلاشي ، كما في قوله : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ. صُنْعَ اللهِ) أي صنع الله ذلك صنعا ، وانتصب بما دل عليه ما تقدمه من قوله : (وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ). وذكر اسم الله ، لأنه لم يأت ذكره فيما قبل ، وإنما دل عليه (الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) أي : خلق كل شيء على وجه الإتقان والإحكام والإتساق ، قال قتادة :
أي أحسن كل شيء خلقه.
ـ أقول «هذا ما روي عن أبي جعفر عليهالسلام» (٢) ـ.
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٣٣.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٣١.