وعليك يا موسى. ومخرجه الدعاء ، والمراد الخبر. قال الكسائي : تقول العرب باركه الله ، وبارك عليه ، وبارك فيه وقيل : بورك من في النار معناه من في النار سلطانه وقدرته وبرهانه. فالبركة ترجع إلى اسم الله ، وتأويله : تبارك من نور هذا النور ، ومن حولها ، يعني موسى والملائكة ...
وقيل : معناه بورك من في طلب النار ، وهو موسى عليهالسلام. فحذف المضاف ، ومن حولها الملائكة أي : دامت البركة لموسى والملائكة ، وهذا تحية من الله سبحانه لموسى عليهالسلام بالبركة ، كما حيا إبراهيم عليهالسلام بالبركة على ألسنة الملائكة ، حين دخلوا عليه فقالوا (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ).
ثم نزه سبحانه نفسه فقال : (وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي : تنزيها له عما لا يليق بصفاته تعالى ، عن أن يكون جسما يحتاج إلى جهة ، أو عرضا يحتاج إلى محل ، أو يكون ممن يتكلم بآلة. ثم أخبر سبحانه موسى عن نفسه ، وتعرف إلي بصفاته ، فقال : (يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي : إن الذي يكلمك هو الله العزيز أي : القادر الذي لا يغالب ، ولا يمتنع عليه شيء ، الحكيم في أفعاله ، المحكم لتدابيره. ثم أراه سبحانه آية يعلم بها صحة النداء ، فقال : (وَأَلْقِ عَصاكَ) وفي الكلام حذف تقديره : فألقاها ، فصارت حية. (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌ) أي : تتحرك كما يتحرك الجان ، وهو الحية التي ليست بعظيمة ، وإنما شبهها بالجان في خفة حركتها واهتزازها ، مع أنها ثعبان في عظمها ، ولذلك هاله ذلك ، حتى ولى مدبرا. وقيل : إن الحالتين مختلفتان ، لأن الحال التي صارت ثعبانا هي الحال التي لقي فيها فرعون ، والحال التي صارت جانا هي الحال التي خاطبه الله في أول ما بعثه نبيا.
(وَلَّى مُدْبِراً) أي : رجع إلى ورائه (وَلَمْ يُعَقِّبْ) أي : لم يرجع ، وكل