«كان قوم صالحون ، وهم مهاجرون قوم سوء خوفا أن يفسدوهم» أي يفسدوا عليهم دينهم ، فهاجروهم لأجل ذلك ، فالله تعالى يدفع أيدي القوم السوء عن الصالحين.
وقوله : «وفينا مثلهم» قوم صالحون وهم الأئمّة الراشدون ، وقوم سوء وهم المخالفون ، والله تعالى يدفع أيدي المخالفين عن الأئمة الراشدين ، والحمد لله رب العالمين (١).
ثمّ قال : وأمّا معنى التأويل الثاني : قوله : «هم الأئمّة» بيانه : أنّ الله سبحانه يدفع بعض الناس عن بعض ، فالمدفوع عنهم : [هم] الأئمّة عليهمالسلام والمدفوعون : هم الظالمون.
وقوله : «ولو لا صبرهم وانتظارهم الأمر أن يأتيهم من الله لقتلوا جميعا» معناه : ولو لا صبرهم على الأذى والتكذيب ، وانتظارهم أمر الله أن يأتيهم بفرج آل محمّد ، وقيام القائم عليهالسلام ، لقاموا كما قام غيرهم [بالسيف] ، ولو قاموا لقتلوا جميعا ، [ولو قتلوا جميعا] لهدّمت صوامع ، وبيع ، وصلوات ، ومساجد.
والصوامع : عبارة [عن مواضع عبادة] النصارى في الجبال ، والبيع في القرى ، والصلوات : أي مواضعها ، ويشترك فيها المسلمون واليهود ، فاليهود لهم الكنائس ، والمسلمون المساجد ، فيكون قتلهم جميعا سببا لهدم هذه
__________________
(١) قال المجلسي (رحمهالله) في تفسير ذلك : أي كان قوم صالحون هجروا قوم سوء خوفا أن يفسدوا عليهم دينهم ، فالله تعالى يدفع بهذا القوم السوء عن الصالحين شرّ الكفّار ، كما كان الخلفاء الثلاثة وبنو أميّة وأضرابهم يقاتلون المشركين ويدفعونهم عن المؤمنين الذين لا يخالطونهم ولا يعاونونهم خوفا من أن يفسدوا عليهم دينهم لنفاقهم وفجورهم ، ولم يأجر الله هؤلاء المنافقين بهذا الدفع ، لأنه لم يكن غرضهم إلا الملك والسلطنة والاستيلاء على المؤمنين وأئمتهم ، كما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم» وأما قوله عليهالسلام : «وفينا مثلهم» يعني نحن أيضا نهجر المخالفين لسوء فعالهم ، فيدفع الله ضرر الكافرين وشرّهم عنا بهم. «البحار : ص ٢٤ ، ح ٣٦١».