العقيدة إلا إذا احتفّ بقرائن خارجية تورث العلم والجزم ، وما هذا إلا لأنّ المطلوب في الأحكام هو العمل ، وهو أمر اختياري يقوم به الإنسان حتّى في حالتي الشك والتردد في صحة الحكم.
وأمّا الأُصول والمعارف فالمطلوب فيها عقد القلب والإذعان على نحو يطرد الطرف النقيض بإحكام ، والخبر الواحد بما هو هو ـ وإن كان الراوي ثقة خصوصاً إذا كان بعيداً عن مصدر الوحي ـ لا يورث إلا الظن ، وهو لا يغني في مجال العقيدة عن الحق شيئاً.
فعلى ما ذكرنا فالخبر الواحد إذا كان راويه ثقة وسنده صحيحاً ، فإنّه يوصف بالصحة ، ولكن لا ملازمة بين صحة السند ، وصحة المضمون ، لأنّ أقل ما يمكن أن يقال في آحاد الثقات انّهم ليسوا بمعصومين ، ويحتمل في حقّهم الخطأ والاشتباه في السمع والبصر والذاكرة ، فكيف يفيد قولهم العلم بالصحة؟ ومع ذلك فالخبر الواحد حجة في الفرعيات الّتي لا تعدّ ولا تحصى ، لأنّ فرض تحصيل العلم فيها يستلزم الحرج ، وربّما لا يناله الفقيه ، ولذلك اعتبره الفقهاء حجة من عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى يومنا هذا كما اعتبره العقلاء حجة في حياتهم الاجتماعية وسلوكهم الفردي.
وأمّا الأُصول والمعارف فهي رهن دليل قطعي حاسم يجلب اليقين ويخاصم الطرف المقابل.
نعم شذّ عن هذه القاعدة الّتي تؤيدها الفطرة والكتاب والسنّة جماعةٌ اغترّوا بروايات الآحاد فجعلوها أُسساً للعقائد والأُصول ، يقول ابن عبد البرّ : ليس في الاعتقاد كلّه في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كلّه أو نحوه يسلم له ، ولا يناظر فيه.