وقال المحقق الهمداني في مصباحه : «لا ينبغي الاحتياط في وجوب الغسل عليه بعد ان أسلم وان لم نقل بكونه مكلفا به حال كفره ، إذ غايته أن يكون كالنائم والمغمى عليه وغيرهما ، ممن لا يكون مكلفا حين حدوث سبب الجنابة ، ولكنه يندرج في موضوع الخطاب بعد استماع شرائط التكليف فيعمه قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) وقوله عليهالسلام : «إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور» ولا ينافي ذلك ما ورد من ان الإسلام يجب ما قبله لان وجوب الغسل لصلاته بعد ان أسلم من الأمور اللاحقة فلا يجبّه الإسلام ، وحدوث سببه قبله لا يجدي لأن الإسلام يجعل الافعال والتروك الصادرة منه في زمان كفره في معصية الله تعالى كأن لم تكن ، لا ان الأشياء الصادرة منه حال كفره يرتفع آثارها الوضعية خصوصا إذا لم يكن صدورها على وجه غير محرم ، كما لو بال أو احتلم فإنه كما لا ترتفع نجاسة ثوبه وبدنه المتلوث بهما بسبب الإسلام كذلك لا ترتفع الحالة المانعة من الصلاة الحادثة بسببهما وكيف كان فلا مجال لتوهم ارتفاع الحدث بالإسلام كما لا يتوهم ذلك بالنسبة إلى التوبة التي روى فيها أيضا أنها تجب ما قبلها (١).
ولكن العمدة ما عرفت من سيرة النبي صلىاللهعليهوآله وانه هل كان يأمر من دخل الإسلام بالاغتسال عن الجنابة (٢) مع ان كلهم أو جلّهم كانوا مبتلين بأسبابها ، لم نر ما يدل على ذلك ، إلا روايات رواها البيهقي في سننه تدل على أمر النبي صلىاللهعليهوآله لمن أسلم أو أراد الإسلام بالاغتسال في بعض الروايات ، وبالاغتسال بالماء والسدر كما في روايات اخرى ، من غير تصريح فيها بعنوان غسل الجنابة ، فإن قلنا بكفاية ذلك عن جميع ما كان عليه من الأغسال ، حتى غسل الحيض والنفاس بالنسبة الى النساء اللاتي دخلن في الإسلام ، وتمَّ اسناد هذه الأحاديث كان الأمر واضحا ، والا بقي الاشكال ، وعلى
__________________
(١) المصباح للهمدانى كتاب الطهارة مبحث الغسل.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي ج ١ كتاب الطهارة ص ١٧١ (باب الكافر يسلم فيغتسل).