ما حكم به في أموالكم ، حكم في أموالكم ان البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه ، وحكم في دمائكم «ان البينة على المدعى عليه واليمين على من ادعى» لئلا يبطل دم امرئ مسلم (١).
٣ ـ ما رواه زرارة إنما جعلت القسامة احتياطا للناس ، لكيما إذا أراد الفاسق ان يقتل رجلا أو يغتال رجلا حيث لا يراه احد ، خاف ذلك فامتنع من القتل (٢).
الى غير ذلك مما ورد في هذا الباب ، وهو مستفيض ، فيها روايات معتبرة معمول بها بين الأصحاب كما عرفت.
والظاهر ان هذا الحكم ليس معمولا بين العقلاء من أهل العرف ، فلا يحكمون للمدعي بمجرد القسامة وشبهها ، وانما المدار عندهم على البينات والشهود ، والطرق القطعية أو الظنية المعتبرة عندهم ، والسر في ذلك ان الشارع المقدس له عناية خاصة بحفظ دماء المسلمين ، وليس عنده أمر أهم ـ بعد الإسلام ـ من حفظ النفوس والدماء ـ وقد مر عليك انه لو لزمت البينة حتى في الدماء ولم تقبل قسامة تبطل دماء كثيرة ، ولا يبقى مجال للقصاص عمن قتل غيلة ، فيكثر القتل اغتيالا ، لأنه ليس هناك مشاهد وبينة تدل على جناية القاتل ، فيجترئ الفساق دماء الابرياء ، كما يرى مصاديقه في العصر الحاضر.
ومن هنا حكم الشارع المقدس بان المتهم بالقتل إذا كان هناك لوث أي أمارات على اتهامه مثل ما إذا كان القتيل على باب داره وكان بينهما خصومة ، وشهد صبي مثلا على ارتكابه ذلك ، أو ما أشبهه من أمارات التهمة ، فعليه إقامة البينة على براءته ، وان لم يكن له بينة تقبل القسامة خمسون رجلا يقسمون على وقوع القتل منه ، ومن المعلوم ان قيام القسامة على القتل أيضا مشكل ، ولكن بابه مفتوح وكفى بذلك تحذيرا للفاسق الفاجر عن قتل الابرياء غيلة.
__________________
(١ و ٢) الوسائل ج ١٩ كتاب القصاص أبواب دعوى القتل الباب ٩ الحديث ٤.