ثانيهما : ان العقد تابع للقصد بمعنى ان العقد يحتاج الى موجب وقابل ، وعوض ومعوض ، وبعد حصول هذه الأركان لكل عقد اثر خاص» (انتهى).
ولكن الظاهر ان المراد من هذه القاعدة معنى ثالث ، وحاصله انه بعد الفراغ عن لزوم القصد في العقود بما ذكر في محله من الدليل ، ان ما يتحقق في الخارج من حيث نوع العقد وكمه ، وكيفه ، وشرائطه ، وغير ذلك من خصوصياته ، تابع للقصد فلو قصد النكاح وقع نكاحا ، ولو قصد العارية وقعت عارية ، ولو قصد هبة كانت هبة ، كما انه لو قصد على امرأة معينة بصداق معين وأجل وشروط وغير ذلك كل هذه الأمور تابعة لقصد الموجب والقابل ، فهذا هو المراد بتبعية العقود للقصود واما مسألة اعتبار القصد في مقابل الهازل والغالط وغيرهما فهو أمر آخر.
وبعبارة أخرى حاجة العقد في تحققه الى القصد أمر وتبعيته في أصوله وفروعه للقصد أمر آخر ، كما يعرف بمراجعة كلام الأصحاب عند الاستدلال بهذه القاعدة وتنبه له صاحب العناوين وغيره أيضا في سائر كلماتهم في المقام.
ومن هنا يعلم انه لا يتفاوت فيه بين البيع والنكاح والعقود اللازمة والجائزة ، بل الإيقاعات أيضا كذلك ، فلو طلّق امرأة خاصة أو وقف شيئا (بناء على كون الوقف من الإيقاعات) كان تابعا لقصد الموقع من جهة خصوصياتها.
بل الظاهر ان هذه القاعدة لها مفهوم ومنطوق فكل ما قصده يقع ، وكل ما لم يقصده فهو غير واقع ، ومن هنا اشتهر بينهم في موارد الحكم بإبطال عقد لم يتحقق مضمونه ، بل تحقق غيره بدعوى الخصم ، «ان ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ، فهذه القضية صحيحة من الجانبين ، فمقتضى القاعدة ان ما يقصده المتعاقدان يقع في الخارج كما ان مقتضى القاعدة انه لا يقع ما لم يقصداه فلو ادعى مدع خلافهما كان محجوجا بالقاعدة.