ثمَّ أجاب هو نفسه عن هذا الاشكال بوجوه خمسة جلها أو كلها مما لا يروى الغليل (١).
والعمدة في الجواب ان يقال : لا شك ان حقيقة المعاوضة دخول كل من العوضين في ملك مالك الأخر ، والغاصب انما يقصد ملك العوض لنفسه بعد دعوى كونه مالكا للمعوض ، فبالملكية الادعائية الحاصلة من سلطته على العين غصبا يرى نفسه مالكا ، ثمَّ يقصد المبيع لنفسه ، ففي الحقيقة انه يقصد وقوع البيع لمالك العين ، ولكن حيث يرى نفسه مصداقا للمالك ، يقصد البيع لنفسه فهو من بعض الجهات يشبه الخطأ في التطبيق.
ومن هنا يظهر انه ليس هذا نقضا على القاعدة ولا استثنائا منها.
ولمسئلة بيع الغاصب الفضولي جهات أخر من البحث ليس هنا موضع ذكرها
٢ ـ وقد نوقضت أيضا بعقد المكره بعد لحوق الرضا فان المشهور بين المتأخرين انه لو رضى المكره بما فعله صح العقد ، بل عن الرياض تبعا للحدائق ان عليه اتفاقهم ، مع ان المكره غير قاصد لمضمون العقد والرضا اللاحق ليس عقدا جديدا ، فما وقع لم يقصده.
وبعبارة أخرى المكره كالهازل قاصد للفظ دون المعنى ، فكيف يصح عقده بلحوق الرضا ، مع انه لا يصح عقد الهازل وان رضي بعد ذلك وأجاز.
والعمدة في الجواب عنه كما ذكره غير واحد من المحققين : ان عقد المكره لا يخلو عن القصد ، بل هو قاصد لللفظ والمعنى كليهما ، وان كان عقده خاليا عن الرضا ، وبالجملة يعتبر في صحة العقد أمران : الإنشاء الجدي ، والرضا بمفاده ، وهما ما ذكره تعالى في قوله (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) والركن الأول موجود في عقد المكره ،
__________________
(١) العناوين ص ١٩٦.