وبصورة الجمع «البينات» في اثنين وخمسين موضعا ، منها قوله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)(١) وقوله تعالى (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ)(٢).
والمراد منها في جميع هذه الايات على كثرتها هو معناها اللغوي أي الأمر البين الواضح ، سواء كان من المعجزات الباهرات ، أو من الايات القرآنية ، والكلمات الإلهية ، التي نزلت على الأنبياء والرسل.
واستعمل أيضا سائر مشتقاتها من «المبينة» و «المبينات» و «المبين» و «المستبين» وغيرها في آيات كثيرة في هذا المعنى.
ومن الجدير بالذكر انه لم يستعمل في شيء من آيات الكتاب على كثرتها هذه الكلمة في معناها المصطلح في الفقه ، بل استعمل ـ كما سيأتي ـ شهادة العدلين أو الرجلين أو شبه ذلك.
ومن هنا وقع الكلام بينهم في ان لها حقيقة شرعية في شهادة العدلين من لدن زمن النبي صلىاللهعليهوآله أو لم تثبت له ذلك ، وانما ثبت كونها حقيقة في هذا المعنى في زمن الصادقين عليهماالسلام ومن بعدهم من الأئمة عليهمالسلام ، أو لم يثبت شيء من ذلك؟
الظاهر من كلمات القوم ان البينة كانت حقيقة في هذا المعنى من لدن عصره صلىاللهعليهوآله ولذا استدلوا بالحديث المشهور منه صلىاللهعليهوآله «إنما أقضي بينكم بالبينات والايمان» على حجية قول العدلين.
قال بعض المحققين : «تبادر هذا المعنى منها في لسان الشرع يرجع الى انصراف المفهوم الكلي الى بعض مصاديقه ، ولذلك لم يحتمل احد من الفقهاء من
__________________
(١) الحديد : ٢٥.
(٢) البقرة : ٩٩.