الوثوق ، وعدم اشتراط العدالة تعبدا.
وقد صرح بما ذكرنا بعض المتأخرين والمعاصرين قال في مصباح الفقيه : الأظهر عدم اشتراط العدالة المصطلحة ، وكفاية كون المخبر ثقة مأمونا محترزا عن الكذب لاستقرار سيرة العقلاء على الاعتماد على اخبار الثقات في الحسيات التي لا يتطرق فيها احتمال الخطأ ، احتمالا يعتد به ، لديهم مما يتعلق بمعاشهم ومعادهم ، وليست حجية خبر الثقة لدى العقلاء الا كحجية ظواهر الألفاظ (١).
وقال في التنقيح : لا تعتبر العدالة أيضا في حجية الخبر ، لان العقلاء لا يخصصون اعتباره بما إذا كان المخبر متجنبا عن المعاصي ، وغير تارك للواجبات ، إذ المدار عندهم على كون المخبر موثوقا به ، وان كان فاسقا أو خارجا عن المذهب (٢).
وقال «المحقق المامقاني» في كلام له عند بيان الحاجة الى علم الرجال ما نصه : ان الحق الحقيق بالقبول. ان العمل بالأخبار انما هو من باب الوثوق والاطمئنان العقلائي ، ومن البيّن الذي لا مرية فيه لذي مسكة في مدخلية أحوال الرجال في حصول الوثوق وعدمه وزواله ، فالأخذ بالخبر من دون رجوع إلى أحوال رجاله تقصير في الاجتهاد ، وهو غير جائز ، كما لا يجوز الفتوى قبل بذل تمام الوسع (٣).
بقي هنا أمران :
أحدهما : انه هل يعتبر الوثوق الفعلي (الشخصي) أو يكفي الوثوق النوعي؟
المصرح به من غير واحد منهم في باب حجية خبر الواحد في الاحكام ، ومن
__________________
(١) مصباح الفقيه كتاب الطهارة ص ٩٢.
(٢) التنقيح في شرح العروة ج ٢ ص ٢٨٨ (باب إثبات النجاسة بقول خبر الثقة).
(٣) تنقيح المقال ج ١ ص ١٧٤.