ويملك من الناس ولا يملكون منه. الله أكبر ولا قوة الّا بالله العلي العظيم (١).
والخطبة هذه كما ترى واحدة ، مع ما فيها من استشهاد بآيات من سور نازلة فيما بعد. ولكنّ ابن اسحاق قد روى الخطبتين عن أبي سلمة بن عبد الرحمن : أنه قام فيهم ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : «أما بعد أيها الناس ، فقدّموا لأنفسكم ، تعلّمنّ والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعنّ غنمه ليس لها راع ، ثم ليقولنّ له ربّه وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه : ألم يأتك رسولي فيبلّغك؟ وآتيتك مالا وأفضلت عليك ، فما قدّمت لنفسك؟ فلينظرنّ يمينا وشمالا فلا يرى شيئا ، ثم لينظرنّ قدّامه فلا يرى غير جهنم. فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل ، ومن لم يجد فبكلمة طيّبة ، فانّ بها تجزى الحسنة عشر أمثالها الى سبعمائة ضعف. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
ثم خطب مرة اخرى فقال :
«إنّ الحمد لله ، أحمده وأستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله الّا الله وحده لا شريك له. إنّ أحسن الحديث كتاب الله تبارك وتعالى ، قد أفلح من زيّنه الله في قلبه ، وأدخله في الاسلام بعد الكفر ، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس ، إنه أحسن الحديث وأبلغه. أحبّوا ما أحبّ الله ، أحبّوا الله من كل قلوبكم ، ولا تملّوا كلام الله وذكره ، ولا تقس عنه قلوبكم ، فانه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي ، قد سمّاه الله خيرته من الأعمال ومصطفاه من العباد ، والصالح من الحديث ومن كلّ ما أوتي الناس من الحلال والحرام. فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، واتّقوه حقّ تقاته ، واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم ،
__________________
(١) الطبري ٢ : ٣٩٤ ، ٣٩٥ ورواها الطبرسي في مجمع البيان ١٠ : ٤٣٢ بلا إسناد.