عمل به ـ على وجل ومخافة من ربه ـ عون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة. ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمره ، فى السرّ والعلانية ، لا ينوي بذلك الّا وجه الله ، يكن ذكرا له في عاجل أمره ، وذخرا له فيما بعد الموت حين يفتقر المرء الى ما قدّم ، وما كان سوى ذلك يودّ له أنّ بينه وبينه (... أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ)(١) والذي صدّق قوله ونجّز وعده لا خلف له فانه يقول : (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)(٢).
فاتّقوا الله في عاجل أمركم وآجله في السرّ والعلانية ، فانه (... مَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً)(٣) ومن يتّق الله (... فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً)(٤) وإن تقوى الله توقي مقته وتوقي عقوبته وتوقي سخطه ، وان تقوى الله تبيّض الوجوه وترضي الرب وترفع الدرجة.
خذوا بحظكم ولا تفرّطوا في جنب الله ، فقد علّمكم الله كتابه ونهج لكم سبيله ، ليعلم (... الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ)(٥) ، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم ، وعادوا أعداءه ، وجاهدوا في سبيل الله (... حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ ...)(٦)(... هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ...)(٧)(... لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ...)(٨) ولا حول و (لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ)(٩).
فاكثروا ذكر الله ، واعملوا لما بعد اليوم ، فانه من يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس ، ذلك بأن الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه ،
__________________
(١) آل عمران : ٣٠.
(٢) ق : ٢٩.
(٣) الطلاق : ٥.
(٤) الأحزاب : ٧١.
(٥) العنكبوت : ٣.
(٦) الحج : ٧٨.
(٧) الحج : ٧٨ الّا أن الضمير فيها الى ابراهيم عليهالسلام.
(٨) الأنفال : ٤٢.
(٩) الكهف : ٣٩. وما عداها وق والقصص والعنكبوت مدنيات نزلن في فترات متباعدة بعد هذه الفترة ، وهذا مما يفتّ في عضد هذا الخبر.