إن رسول الله صلىاللهعليهوآله دخل على النساء فقال لهن : اني قد زوّجت ابنتي لابن عمّي ، وقد علمتن منزلتها مني ، واني دافعها إليه ، ألا فدونكن ابنتكن.
فقمن فجعلن في بيتها فراشا ، حشوه ليف ، ووسادة ، وكساء خيبيريا ، ومخضبا وهو المركن (١) وصارت أم أيمن البوّابة. وقمن الى الفتاة فعلّقن عليها من حليهنّ وطيبنّها. ودعا رسول الله بلالا فقال له : اني قد زوّجت فاطمة ابنتي بابن عمي وأنا احب أن يكون من سنن امتي الطعام عند النكاح ، اذهب يا بلال الى الغنم وخذ شاتا وخمسة أمداد (٢) شعيرا ، واجعل لي قصعة (٣) فلعلّي أجمع عليها المهاجرين والأنصار! ففعل ذلك ، وأتاه بها حين فرغ فوضعها بين يديه ، فطعن في أعلاها وبرّك (من فمه) ثم قال : يا بلال ، ادع الناس من المسجد ، زفّة زفّة (٤).
فجعل الناس يزفّون ، كلما فرغت زفة وردت اخرى حتى فرغ الناس ، وفضل منها. فعمد النبيّ الى فضل ما فيها فبارك فيه (من فمه) ثم قال : يا بلال ، احمل الى امّهاتك فقل لهن : كلن وأطعمن من غشيكن. ففعل بلال ذلك.
ثم ان رسول الله جاء الى بيته ومعه علي عليهماالسلام ، فهتف بفاطمة ، فلما أقبلت رأت زوجها مع رسول الله! فقال لها رسول الله : ادني مني. فدنت منه ، فأخذ بيدها ويد علي ، فلما أراد أن يجعل كفّها في كفّ علي ضاق صدرها ودمعت عيناها! فأشفق رسول الله أن يكون بكاؤها لأن عليا لا مال له! فرفع رسول الله رأسه وقال لها :
ما يبكيك؟! فو الله ما ألوتك (٥) في نفسي ، ولقد أصبت بك القدر وزوّجتك خير أهلي ، وأيم الله لقد زوجتك سيدا في الدنيا وانه في الآخرة لمن الصالحين.
__________________
(١) يغسل فيه الثياب.
(٢) المد : ثلاثة ارباع الكيلو أو أقل ، ولعله ٧٠٠ غراما.
(٣) القصعة : اناء كبير يسع لعشرة أشخاص.
(٤) جماعة ثمّ جماعة.
(٥) قصّرت عنك.