لا يمكن أن يرافق النبيّ محمد بن مسلمة في الطريق بعد خروجه (لذي أمرّ) بيومين (١).
ونجده في تاريخه لغزوة بني سليم ببحران بناحية الفرع يقول : لليال خلون من جمادى الاولى ... ثم يروي عن الزهري أن غيبته فيها كانت عشر ليال (٢) وهذا يقرب من نص ابن اسحاق إذ قال : فأقام بها (من) شهر ربيع الآخر وجمادى الاولى ثم رجع الى المدينة (٣).
فلو كان خروجه لغزوة ذي أمرّ ـ كما قال الواقدي ـ في الثاني عشر من ربيع الأول تنافي ذلك مع مشايعته لسريّة قتل ابن الأشرف في الرابع عشر منه ، مع وجود التسالم على تاريخ مقتله ذلك ، وعليه فلو اثبتنا تاريخ مقتل ابن الأشرف واحتملنا في تاريخ الواقدي لغزوة ذي أمرّ أن «ربيع» في نصّه هو «ربيع الآخر» لا الأول ، وكانت غيبته فيها أحد عشر يوما بعد الثاني عشر منه تقارب بل تقارن رجوعه منها مع خروجه لغزوة بحران بناحية الفرع ، مما يبعد أيضا.
فيغلب في الظنّ أن نرجّح هنا رواية ابن اسحاق : بأن غزوة ذي أمرّ كانت في شهر صفر ، سيما مع خلوّه من ذكر غزوة غيرها فيه أو سرية سواها ، ولا سيما مع سلامة روايته من المعارض. الا أننا نأخذ تفصيل الرواية من الواقدي ، إذ تخلو رواية ابن اسحاق عن ذلك.
روى الواقدي عن جمع قالوا : بلغ رسول الله أنّ رجلا من بني محارب يدعى دعثور بن الحارث جمع جمعا منهم ومن ثعلبة بذي أمرّ يريدون أن يصيبوا
__________________
(١) مقدمة المحقق : ٣٢.
(٢) مغازي الواقدي ١ : ١٩٧.
(٣) سيرة ابن هشام ٣ : ٥٠.