من أطراف رسول الله. فندب رسول الله المسلمين فخرج في أربعمائة وخمسين رجلا ، فأخذ على المنقى ثم مضيق الخبيت (على بريد ٢٢ كيلومترا من المدينة) ثم خرج الى ذي القصّة (الى جهة نجد) فأصابوا بها رجلا من بني ثعلبة يدعى جبّارا فأدخلوه على رسول الله فدعاه الى الاسلام فأسلم ، فقالوا له : هل بلغك لقومك خبر؟ قال : لا ، الّا أنه بلغني أنّ دعثور بن الحارث قد اعتزل في اناس من قومه وإنهم إن سمعوا بمسيرك هربوا في رءوس الجبال ولن يلاقوك ، وأنا سائر معك ودالّك على ثغراتهم.
فضمّه النبيّ الى بلال ، وخرج بهم فأخذ طريقا أهبطهم من كثب ، فلما رآه اولئك الأعراب هربوا منه فوق الجبال ، فلم يلاق النبيّ منهم أحدا ، الّا أنه يراهم ويرونه من فوق الجبال (١).
ونزل رسول الله وعسكر في معسكرهم ، ثم ذهب لحاجته فأصابه مطر فبلّ ثوبه فنزع ثيابه ونشرها على شجرة لتجفّ واضطجع تحتها ينتظر جفافها.
فقال الاعراب لسيدهم دعثور : ها قد انفرد محمد من أصحابه بحيث اذا استغاث بهم لا يغيثوه حتى تدركه فتقتله! فقد امكنك محمد!
فاختار من سيوفهم سيفا صارما واشتمل عليه وأقبل حتى قام على رأس النبيّ شاهرا سيفه وقال : يا محمد! من يمنعك مني اليوم؟! قال رسول الله : الله ، واندفع ووقع السيف من يده ، فأخذه رسول الله وقام به عليه وقال : وأنت من يمنعك مني؟ قال : لا أحد ، وأنا أشهد أن لا إله الّا الله وأنّ محمدا رسول الله ، والله لا اكثر عليك جمعا أبدا! فأعطاه رسول الله سيفه فأخذه وأدبر حتى أتى قومه ،
__________________
(١) ونقل قريبا منه ابن الأثير في الكامل ٢ : ٩٩ وعنه في بحار الأنوار ٢٠ : ٩ وقال : وكان مقامه اثنتي عشرة ليلة.