__________________
ـ عداوة محمد وأصحابه. مع أنه إن بلغ محمدا وأصحابه شمتوا بكم فيكون أعظم المصيبتين شماتتهم ، ولعلكم تدركون ثأرهم. والدّهن والنساء عليّ حرام حتى أغزو محمدا. فمكثت قريش شهرا لا يبكيهم شاعر ولا تنوح عليهم نائحة ١ : ١٢١. ولكنه نقل بعد ذلك أن كعب بن الأشرف اليهودي لما خرج الى مكة بعد بدر فنزل على أبي وداعة بن ضبيرة ، جعل ينظم شعرا في رثاء قتلى بدر من قريش ، ومن يلقاه من الصبيان والجواري ينشدهم الأبيات ، فأخذها الناس منه ، ورثوا بها وأظهروا المراثي وناحت قريش على قتلاها شهرا ، ولم تبق دار بمكة الّا فيها نوح ، وجزّ النساء شعر الرءوس ، كان يؤتى براحلة الرجل منهم أو بفرسه فتوقف بين أظهرهم فينوحون حولها ، وخرجن الى السكك في الأزقة وقطعن الطرق لينحن! ١ : ١٢٢. ثم قال : قالوا : ومشى نساء قريش الى هند بنت عتبة فقلن : الا تبكين على أبيك وأخيك وعمك وأهل بيتك؟ قالت : أنا أبكيهم فيبلغ ذلك محمدا وأصحابه ونساء بني الخزرج فيشمتوا بنا؟ لا والله حتى أثأر محمدا وأصحابه ، والدّهن عليّ حرام إن دخل رأسي حتى نغزو محمدا. والله لو أعلم أنّ الحزن يذهب من قلبي لبكيت ، ولكن لا يذهبه الا أن أرى ثأري بعيني من قتلة الأحبّة. فمكثت على حالها.
وبلغ نوفل بن معاوية الديلي أن قريشا بكت على قتلاها فقدم مكة وقال لقريش : يا معشر قريش ؛ لقد خفّت أحلامكم وسفه رأيكم وأطعتم نساءكم! ومثل قتلاكم يبكى عليهم؟! هم أجلّ من البكاء ، مع أن ذلك يذهب غيظكم عن عداوة محمد وأصحابه ولا ينبغي أن يذهب الغيظ عنكم الا أن تدركوا ثأركم من عدوّكم.
فلما سمع أبو سفيان كلامه قال : يا أبا معاوية ، والله ما ناحت امرأة من بني عبد شمس على قتيل لها الى اليوم ، ولا بكاهن شاعر الا نهيته حتى ندرك ثارنا من محمد وأصحابه ، واني لأنا الموتور الثائر ، قتل ابني حنظلة وسادة أهل هذا الوادي ١ : ١٢٤ ، ١٢٥.
إذن فنهي أبي سفيان انما كان نافذا في بني عبد شمس ، أما سائر قريش فلم يتمالكوا اكثر