ثمّ أوثقوه ليرفعوه على خشبته فقال :
اللهم قد بلّغنا رسالة رسولك ، فبلّغه الغداة ما يصنع بنا ، ثمّ قال : اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا!
وكان المشركون يزعمون أنّ الرجل إذا دعي عليه فاضطجع لجنبه زالت عنه! وكان أبو سفيان حاضرا ومعه معاوية فألقى معاوية على الأرض خوفا من إصابة دعوة خبيب (١).
وروى الواقدي قال : دخل بهما إلى مكّة في شهر ذي القعدة الحرام ، فحبس حجير خبيب بن عدي في بيت امرأة يقال لها ماوية مولاة لبني عبد مناف ، وحبس صفوان زيد بن الدثنة عند ناس من بني جمح. ويقال : عند غلامه نسطاس ... فلمّا انسلخت الأشهر الحرم أجمعوا على قتلهما.
فأخرجوا خبيبا بالحديد إلى التنعيم (أوّل الحلّ) (٢) وخرج معه النساء والصبيان والعبيد وجماعة من أهل مكّة إمّا موتور يريد أن يتشافى بالنظر في وتره ، وإمّا غير موتور مخالف للإسلام وأهله. وأخرجوا معه زيد بن الدثنة ، وأمروا فحفر لخشبتهما.
فلمّا قرّبوا خبيبا إلى خشبته قال : هل أنتم تاركيّ فاصلّي ركعتين؟ قالوا : نعم. فركع ركعتين فاتمّهما من غير أن يطوّل فيهما. ثمّ قال : أما والله لو لا أن تروا أنّي جزعت من الموت لاستكثرت من الصلاة. ثمّ قال : اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا!
__________________
(١) ابن هشام ٣ : ١٨١ و ١٨٢.
(٢) بل قال عاتق البلادي في مختصر معجم معالم مكّة التاريخية : إنّ موضع قتل خُبيب في شمال وادي يأجج والذي يُعرف اليوم باسم ياج ، تخفيفاً ، ويعرفه عامّة أهل مكّة باسم وادي بئر مقيت ، وهو في شمال التنعيم يمرّ به حتّى يصبّ في مرّ الظهران بطول ٣٣ كم ، كما عنه في مجلّة ميقات الحجّ ٧ : ٢٤١. س