فقال الحارث بن برصاء : والله ما ظننت أنّ دعوة خبيب تغادر أحدا منهم!
وقال جبير بن مطعم : لقد رأيتني يومئذ أتستّر بالرجال خوفا من أن أشرف لدعوته!
وقال حكيم بن حزام : لقد رأيتني أتوارى بالشجر خوفا من دعوة خبيب!
وقال حويطب بن عبد العزّى : لقد رأيتني أدخلت إصبعي في اذني واهرب خوفا من سماع دعائه!
وقال معاوية بن أبي سفيان : ولقد جذبني أبي يومئذ جذبة سقطت منها على عجب ذنبي فأوجعتني!
وقال نوفل بن معاوية الديلي : كنت قائما فأخلدت إلى الأرض خوفا من دعوته ، وما كنت أرى أنّ أحدا ينفلت من دعوته ، ولقد مكثت قريش شهرا أو أكثر ما لها حديث في أنديتها إلّا دعوة خبيب.
ثمّ حملوه إلى الخشبة ووجّهوه إلى المدينة وأوثقوه رباطا ثمّ قالوا له : ارجع عن الإسلام نخلّ سبيلك! قال : لا والله ما احبّ أنّي رجعت عن الإسلام وأنّ لي ما في الأرض جميعا! قالوا : فتحبّ أنّ محمّدا في مكانك وأنت جالس في بيتك؟ قال : والله ما احبّ أن يشاك محمّد بشوكة وأنا جالس في بيتي! فجعلوا يقولون له : ارجع يا خبيب! وهو يقول : لا أرجع أبدا! قالوا : أما واللات والعزّى لئن لم تفعل لنقتلنّك! قال : إنّ قتلي في الله لقليل! ثمّ قال : اللهم اني لا أرى إلّا وجه عدو ، اللهم إنّه ليس هاهنا أحد يبلّغ رسولك السّلام عنّي ، فبلّغه أنت عنّي السّلام!
فروى الواقدي بسنده عن زيد بن حارثة الكلبي مولى رسول الله قال : إنّ رسول الله كان جالسا مع أصحابه إذ أخذته غشية كما كانت تأخذه إذا انزل عليه