وذكر القمي في تفسير قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ* وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)(١) قال : ذلك أنّ رجلا من الصحابة شرب قبل أن يحرم الخمر ، فجعل يقول الشعر ويبكي على قتلى المشركين من أهل بدر ، فسمع رسول الله ، فقال : اللهم أمسك على لسانه. فأمسك على لسانه فلم يتكلّم حتى ذهب عنه السكر ، فأنزل الله تحريمها بعد ذلك (٢) (٣).
فلمّا نزل تحريمها خرج رسول الله فقعد في المسجد (٤) ثمّ دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها (فضيخ البسر والتمر) فأكفأ عليها ، ثمّ قال : هذه كلّها خمر ،
__________________
الشوكاني في تفسيره ٢ : ٧١ عن جابر قال : حُرّمت الخمر بعد اُحد بل بعد غزوة بني النضير كما عن جابر نفسه فيما يأتي. وأظن تشديد التحريم هنا بمناسبة نزول سورة النساء وفيها الآية ٤٣ : «لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى».
(١) المائدة ٩٠ ، ٩١ ، ٩٢.
(٢) تفسیر القمی ١ : ١٨٠ والهادي في صلاته هو عبدالرحمان بن عوف كما في الغدير ٦ : ٢٥٢ عن أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٢٤٥.
(٣) بل اخرج ابن شبّة بسنده عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : ضُربت قبة النبي صلّى الله عليه وآله في محاصرته لبني النضير قريباً من موضع مسجد الفضيخ فكان يصلي هناك سِت ليال. فلما حُرمت الخمرة كان ابو ايوب الانصاري مع جمع من الانصار معه يشربون فيه فضيخاً ، فبلغهم خبر تحريمها فحلوا أسقيتهم فسمّى مسجد الفضيخ. تاريخ المدينة المنورة ١ : ٦٩.
(٤) أي في مصلاه الذي اُتخذ بعد ذلك مسجداً ، كما سيأتي. واقرأ عنه في كتاب : المساجد والأماكن الأثرية المجهولة في المدينة لعبدالرحمن خويلد الحجازي ، وعنه في مجلة ميقات الحج ٧ : ٨٧٩.