والشيخان البخاري ومسلم قد أهملا هذه الرؤيا بالمرة ، فلم يخرجاها في صحيحيهما أصلا لا عن ابن زيد ، ولا عن ابن الخطّاب ، ولا عن غيرهما ، وما ذاك الّا لعدم ثبوتها عندهما.
نعم أخرجا في باب بدء الأذان من صحيحيهما عن ابن عمر قال : كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحيّنون الصلاة ، وليس ينادي بها أحد. فتكلّموا يوما في ذلك فقال بعضهم : اتّخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى ، وقال بعضهم : بل بوقا مثل بوق اليهود. فقال عمر : الا تبعثون رجلا ينادي للصلاة؟ فقال رسول الله : يا بلال قم فناد بالصلاة. فنادى بالصلاة» (١).
هذا ، وقد روى المتّقي الهندي في «كنز العمال» أنهم تذاكروا الأذان عند الحسن عليهالسلام وذكروا رؤيا ابن زيد ، فقال : إنّ شأن الأذان أعظم من ذلك ، أذّن جبرئيل في السماء مثنى مثنى وعلّمه رسول الله (٢).
وروى القاضي النعمان المصري عن الصادق عليهالسلام قال : سئل الحسين بن علي عليهالسلام عن قول الناس في الأذان : أن السبب فيه كان رؤيا رآها عبد الله بن زيد فأخبر بها النبيّ فأمر بالأذان ، فغضب عليهالسلام وقال : الأذان وجه دينكم ، والوحي ينزل على نبيّكم وتزعمون أنه أخذ الأذان عن عبد الله بن زيد؟! بل سمعت أبي علي بن أبي طالب يقول : أهبط الله عزوجل ملكا حين عرج برسول الله ـ وساق حديث المعراج بطوله الى أن قال ـ فبعث الله ملكا لم ير في السماء قبل ذلك الوقت ولا بعده ، فأذّن مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى. ثم قال جبرئيل للنبيّ : يا محمد هكذا أذّن للصلاة (٣).
__________________
(١) النص والاجتهاد : ٢٣٠ ، ٢٣١ عن صحيح مسلم ٢ كتاب الصلاة باب بدء الأذان.
(٢) عن كنز العمال ٦ : ٢٧٧.
(٣) دعائم الاسلام ١ : ١٤٢ وعنه في مستدرك الوسائل ٤ : ١٧ ط آل البيت. ومثله عن الجعفريات : ٤٢.