وروى الحلبي في سيرته عن أبي العلاء قال : قلت لمحمد بن الحنفية : إنّا لنتحدّث : أن بدء هذا الأذان كان من رؤيا رآها رجل من الأنصار في منامه ، قال : ففزع لذلك محمد بن الحنفية فزعا شديدا وقال : عمدتم الى ما هو الأصل في شرائع الاسلام ومعالم دينكم فزعمتم أنه من رؤيا رآها رجل من الأنصار في منامه ، تحتمل الصدق والكذب اذ تكون أضغاث أحلام!! فقلت : هذا حديث قد استفاض في الناس! قال : هذا والله هو الباطل ، وانما أخبرني أبي : أنّ جبرئيل عليهالسلام أذّن في بيت المقدس ليلة الاسراء وأقام ، ثم أعاد جبرئيل الأذان لما عرج بالنبيّ الى السماء (١).
وروى العيّاشي في تفسيره عن عبد الصمد بن بشير قال : ذكر عند أبي عبد الله عليهالسلام بدء الأذان فقيل : إن رجلا من الأنصار رأى في منامه الأذان فقصّه على النبيّ صلىاللهعليهوآله فأمره رسول الله أن يعلّمه بلالا. فقال ابو عبد الله : كذبوا ، ان رسول الله كان نائما في ظل الكعبة فأتاه جبرئيل ومعه طاس فيه ماء من الجنة فأيقظه وأمره أن يغتسل به ، ثم وضعه في محل له ألف ألف لون من نور ، ثم صعد به حتى انتهى الى أبواب السماء ... فأمر الله جبرئيل فقال : الله اكبر ، الله اكبر ... فأتمّ الأذان وأقام الصلاة ، وتقدم رسول الله فصلّى بهم .. فهذا كان بدء الأذان (٢).
ولكن هذا لا يعني أن تشريع أذان الاعلام كان من حين رجوعه صلىاللهعليهوآله من ذلك المعراج في مكة ، بل لعله كان كما روى الكليني بسنده عن الصادق عليهالسلام قال : هبط جبرئيل بالأذان على رسول الله وكان رأسه في حجر علي عليهالسلام فأذّن جبرئيل وأقام. فلما انتبه رسول الله قال : يا علي سمعت؟ قال : نعم يا رسول الله ،
__________________
(١) السيرة الحلبية ٢ : ٩٦.
(٢) تفسير العياشي ١ : ١٥٧.