يبرحوا حتّى يردوا عليكم عهدكم وعقدكم بين محمّد وبينكم ، لأنّه إن ولّت قريش ولم يظفروا بمحمّد غزاكم محمّد فيقتلكم!
فقالوا : أحسنت وأبلغت في النصيحة ، لا نخرج من حصننا حتّى نأخذ منهم رهنا يكونون في حصننا (١).
وقال القاضي النعمان : كان نعيم بن مسعود رجلا من غطفان مع المشركين ، وكان نديما لبني قريظة ، فأتاهم كالزائر لهم ، فرحّبوا به ووقّروه ، فلمّا خلا بهم قال :
قد عرفتم مودّتي لكم ، وقد جئت إليكم ناصحا إن قبلتم منّي.
قالوا : جزاك الله خيرا ، ما نتّهمك ، بل نحن ممّن نثق بمودّتك ونقبل نصيحتك ، فقل ما أردت.
فقال لهم : إنّكم قد فعلتم فعلا لم تحسنوا النظر فيه لأنفسكم : نقضتم حلف محمّد وصرتم مع قريش وغطفان ، ولستم كمثلهم ؛ إنّ قريشا وغطفان إنّما جاءوا لحرب محمّد وأصحابه على ظهور دوابهم ، فإن أصابوا منه ما أرادوا ، وإلّا انصرفوا عنه وتركوكم معه! وأنتم تعلمون أنّه لا طاقة لكم به وبأصحابه إن خلا بكم. وقد تداخل أصحابنا الفشل والاختلاف ، وطال مقامهم ، وخفّت أزوادهم. وكان من أمر ابن عبد ودّ وأصحابه ما قد عرفتم وإنّما كان المعتمد عليهم والنظر إلى ما يكون منهم عند اقتحامهم الخندق ، فإذا قد كان من ذلك ما كان فقد تداخل
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٨١ و ١٨٢. هذا هو الموجود في تفسير القمي من خبر نعيم بن مسعود الأشجعي ، وقد نصّ على إسلامه قبل قدوم قريش بثلاثة أيّام ، ثمّ ظاهره عرضه أمره على النبيّ بعد نقض بني قريظة من دون فصل طويل ، ويبدو أنّ نقضهم كان في أوائل قدوم قريش ، ولذلك ذكره القمي قبل مقتل عمرو بن عبد ودّ.