اليأس إلى قلوب الناس ، وأكثر ما يقيمون أيّاما قليلة ، فإن رأوا فرصة أصابوها وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وتركوكم!
قالوا : لقد صدقت ونصحت فيما قلت ، فجزاك الله خيرا ، فما الحيلة بعد هذا؟!
قال : الحيلة : أن لا تقاتلوا مع القوم حتّى تأخذوا منهم رهائن من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم أن لا ينصرفوا عنكم ويدعوكم!
قالوا : لقد أشرت بالرأي ، فأحسن الله عنّا جزاك.
ثمّ أتى عيينة بن حصن ، وأبا سفيان ، فقال :
إن بني قريظة بيني وبينهم ما قد علمتم ، وقد بتّ عندهم فاطّلعت منهم على سرّ خشيت منه علينا!
قالوا : وما هو؟!
قال : إنّ القوم ندموا على ما نقضوا من حلف محمّد لمّا رأوا مقامنا ولم نصنع شيئا ونظروا إلى ما كان من أمر عمرو بن عبد ودّ وأصحابه ، وخافوا أن ننصرف عنهم فيطأهم محمّد ، فأرسلوا إليه يرغبون في سلمه ، ويذكرون ندامتهم على ما كان منهم وقالوا له : نحن نرضيك بأن نأخذ من القبيلتين رجالا من أشرافهم فنسلّمهم إليك فتضرب أعناقهم أو تفعل فيهم ما رأيت ، ثمّ نكون معك على من بقي منهم.
فايّاكما أن تخدعكما اليهود أو أن يظفروا بأحد منكم!
فأرسل أبو سفيان وعيينة إليهم عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان يستخبرونهم ذلك ويدعونهم إلى القتال معهم ويقولون : إنّا لسنا بدار مقام ، وقد هلك الخفّ والحافر ونفد الزاد ، وأبى محمّد وأصحابه إلّا لزوما