لخندقهم ، وأنتم أعلم بعورة الموضع ، فاخرجوا إلينا بجماعتكم لنناجز محمدا وأصحابه ونقتحم عليهم الخندق بجماعتنا.
فلمّا جاء القوم بني قريظة بذلك ، قالوا : قد كنّا مع محمّد على حلف ، ولم نكن نرى منه إلّا خيرا ، ونقضنا ما كان بيننا وبينه ، ونحن نخشى ونخاف إن ضرستكم الحرب أن تنشمروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا ولا طاقة لنا به ، فلسنا بالذي نقاتل معكم حتّى تعطونا رهائن من وجوه رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتّى نناجز محمّدا.
فلمّا انصرف بذلك القوم إلى أبي سفيان وعيينة علما أن الأمر ما قاله نعيم ابن مسعود ، وأبوا أن يدفعوا إليهم أحدا.
وقالت بنو قريظة : هذا مصداق قول نعيم بن مسعود ، ولزموا معاقلهم ، واستوحش بعض القوم من بعض وتنافرت قلوبهم ، ولم يجد الأحزاب إلّا الرحيل إلى بلادهم (١).
وروى في «قرب الإسناد» بسنده عن الصادق عن علي عليهماالسلام قال :
إنّ رسول الله بلغه أنّ بني قريظة بعثوا إلى أبي سفيان : أنّكم إذا التقيتم أنتم ومحمّد أمددناكم وأعنّاكم. فقام النبيّ فخطبنا فقال : إن بني قريظة بعثوا إلينا أنّا إذا التقينا نحن وأبو سفيان أمدّونا وأعانونا! فبلغ ذلك أبا سفيان فقال : غدرت اليهود! (٢)
__________________
(١) شرح الأخبار ١ : ٢٩٧ ـ ٢٩٩. وروى خبره ابن إسحاق في السيرة ٣ : ٢٤٠ ـ ٢٤٢ وعنه الطبرسي في مجمع البيان ٨ : ٥٣٩ و ٥٤٠. وروى الواقدي خبره بسنده عنه ٢ : ٢٨٠ ـ ٢٨٤ ثمّ أخبارا اخرى أربعة ٢٨٤ ـ ٢٨٧ ، ثمّ قال : والأثبت قول نعيم الأوّل.
(٢) قرب الإسناد : ٦٢ و ٦٣ ، كما في بحار الأنوار ٢٠ : ٢٤٦.