اتي رسول الله فقيل له : سعد بن معاذ قد مات. فقام رسول الله وقام أصحابه معه فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب.
فلمّا حنّط وكفّن وحمل على سريره تبعه رسول الله بلا حذاء ولا رداء ، ثمّ كان يأخذ يمنة السرير مرّة ويسرة السرير مرّة حتّى انتهي به إلى القبر ، فنزل رسول الله حتّى لحّده وسوّى عليه اللّبن وجعل يقول : ناولوني حجرا ناولوني ترابا فيسدّ به ما بين اللّبن. فلمّا أن فرغ وحثا عليه التراب وسوّى قبره قال رسول الله : إنّي لأعلم أنّه سيبلى ويصل البلى إليه ولكنّ الله يحبّ عبدا إذا عمل عملا أحكمه!
فلمّا أن سوّى التربة عليه قالت أم سعد ـ من جانب ـ : يا سعد هنيئا لك الجنّة!
فقال رسول الله : يا أمّ سعد لا تجزمي على ربّك ، فإنّ سعدا قد أصابته ضمّة!
فلمّا رجع رسول الله ورجع الناس قالوا له : يا رسول الله ، لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد ، إنّك تبعت جنازته بلا حذاء ولا رداء؟!
فقال : إنّ الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء فتأسّيت بها!
قالوا : وكنت تأخذ يمنة السرير ويسرته؟!
فقال : كانت يدي بيد جبرئيل عليهالسلام آخذ حيث يأخذ!
فقالوا : أمرت بغسله وصلّيت على جنازته ولحّدته في قبره ثمّ قلت : إنّ سعدا قد أصابته ضمّة!
فقال : نعم ، إنّه كان في خلقه سوء مع أهله (١).
__________________
(١) أمالي الصدوق وأمالي الطوسي : ٤٢٧ ح ٩٥٥ وعنهما في بحار الأنوار ٢٢ : ١٠٧ و ١٠٨.