عن ابن عبّاس قال : إنّ اليهود كانوا فريقين : طائفة منهم بنو قينقاع ، وهم حلفاء الخزرج ، وطائفتا النضير وقريظة ، وهم حلفاء الأوس. فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج ، وخرجت بنو النضير وقريظة مع الأوس ، يظاهر كلّ فريق حلفاءه على إخوانه حتّى يتسافكوا دماءهم بينهم وبأيديهم (١).
هذا وقد استجاب جمهور الخزرج لدعوة الإسلام وتبعهم الأوس ، فلم يبق لحلفهم مع اليهود معنى ..
فلعلّ هذا هو الذي دفعهم إلى ما رواه الطبرسي في «إعلام الورى» عن علي بن إبراهيم القمّي قال :
وجاءه اليهود : قريظة والنضير وقينقاع فقالوا : يا محمّد إلام تدعو؟ قال : شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله الذي تجدونني مكتوبا في التوراة ، والذي أخبركم به علماؤكم : أنّ مخرجي بمكّة ومهاجري بهذه الحرّة (أي المدينة) وأخبركم عالم منكم جاءكم من الشام فقال : تركت الخمر والخمير وجئت إلى البؤس والتمور ، لنبيّ يبعث في هذه الحرّة (أي الحجارة) مخرجه بمكّة ومهاجره هاهنا ، وهو آخر الأنبياء وأفضلهم ، يركب الحمار ، ويلبس الشملة ، ويجتزئ بالكسرة (من الخبز زهدا) وفي عينيه حمرة ، وبين كتفيه خاتم النبوّة. يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى ، وهو الضحوك القتّال ، يبلغ سلطانه منقطع الخفّ والحافر.
__________________
(١) التبيان ١ : ٣٣٦ ومجمع البيان ١ : ٣٠٣ وإليه الإشارة في قوله سبحانه : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) البقرة : ٨٥.