فقالوا له : قد سمعنا ما تقول ، وقد جئناكم لنطلب منكم الهدنة على أن : لا نكون لك ولا عليك ، ولا نعين عليك أحدا ، ولا تتعرّض لنا ولا لأحد من أصحابنا : حتى ننظر الى ما يصير أمرك وأمر قومك.
فأجابهم رسول الله صلىاللهعليهوآله الى ذلك ، وكتب بينهم كتابا : أن لا يعينوا على رسول الله ولا على أحد من أصحابه بلسان ولا يد ولا بسلاح ولا بكراع ، في السرّ والعلانية ، لا بليل ولا بنهار ، والله بذلك عليهم شهيد. فان فعلوا فرسول الله في حلّ من سفك دمائهم وسبي ذراريهم ونسائهم وأخذ أموالهم.
وكتب لكل قبيلة منهم (قريظة والنضير والقينقاع) كتابا على حدة.
وكان الذي تولى أمر بني النضير حييّ بن أخطب ، فلما رجع الى منزله قال له إخوته ، جديّ بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب : ما عندك؟ قال : هو الذي نجده في التوراة ، والذي بشر به علماؤنا ، ولا أزال له عدوّا لأن النبوة خرجت من ولد اسحاق وصارت في ولد اسماعيل ، ولا نكون تبعا لولد اسماعيل أبدا! (١).
وكان الذي تولّى أمر قريظة كعب بن أسد.
والذي تولّى أمر بني قينقاع مخيريق ، وكان اكثرهم مالا وحدائق ، فقال لقومه : إن كنتم تعلمون أنه النبيّ المبعوث فهلمّوا نؤمن به ونكون قد ادركنا الكتابين! فلم تجبه قينقاع الى ذلك (٢).
ثم لم يرو الطبرسي ولا غيره من رواتنا نصّ المعاهدة ، نعم روى الكليني في
__________________
(١) مرّ مثله في أخبار أوائل الهجرة في قباء عن ابن اسحاق عن صفية بنت حييّ بن أخطب ، ولعله تكرّر منه ذلك ، وإلّا فمن المستعبد كتابة العهد في قباء.
(٢) إعلام الورى ١ : ١٥٧ ، ١٥٨ عن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي ، ولم نجده في تفسيره.