وبعد إسلام بقيّة القوم جاء الحارث ابو جويريّة إلى النبيّ عليهالسلام فقال : يا رسول الله إن ابنتي لا تسبى ؛ إنّها امرأة كريمة. قال : اذهب فخيّرها. قال : قد أحسنت وأجملت. وجاء إليها أبوها فقال لها : يا بنيّة لا تفضحي قومك! فقالت له : اخترت الله ورسوله! فقال لها أبوها : فعل الله بك وفعل!
وأعتقها رسول الله ، وجعلها في جملة أزواجه (١) فلمّا بلغ الناس أنّ رسول الله تزوّج جويريّة بنت الحارث قالوا : أصهار رسول الله! فأرسلوا ما كان في أيديهم منهم (٢).
__________________
(١) الإرشاد ١ : ١١٩. وقال الحلبي في المناقب ١ : ٢٠١. فجاء أبوها إلى النبيّ بفداء ابنته فسأله النبيّ عليهالسلام عن جملين كان قد خبّأهما في شعب كذا. فقال الرجل : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك لرسول الله ، والله ما عرفهما أحد سواي! ثمّ قال : يا رسول الله ، إنّ ابنتي لا تسبى إنّها امرأة كريمة ...
(٢) إعلام الورى ١ : ١٩٧ وتمامه : فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها ، وهو لفظ الواقدي رواية عن عائشة ٢ : ٤١١ ولكن صدر الرواية تخالف ما نقلناه عن المفيد في الإرشاد ، وما ذكره الطبرسي في إعلام الورى ، والحلبي في المناقب ، فقد روى الواقدي بسنده عن عائشة قالت : بينا النبيّ صلىاللهعليهوآله عندي ونحن على الماء (المريسيع) إذ دخلت عليه جويريّة ... فقالت : يا رسول الله ، إنّي امرأة مسلمة أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله ، وأنا جويريّة بنت الحارث ابن أبي ضرار سيّد قومه ، أصابنا من الأمر ما قد علمت ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن شمّاس وابن عمّ له ، فتخلّصني من ابن عمّه بنخلات له بالمدينة ، ثمّ كاتبني على ما لا طاقة لي به ولا يدان ، وما أكرهني على ذلك ، إلّا أنّي رجوتك ـ صلّى الله عليك ـ فأعنّي في مكاتبتي!
قالت عائشة : وكانت جويريّة جارية حلوة لا يكاد يراها أحد إلّا ذهبت بنفسه ... فكرهت دخولها على النبيّ وعرفت أنّه سيرى منها مثل الذي رأيت!