بيان : (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ) الذين كانوا طافوا بالنبي من المشركين رجاء أن يصيبوا من المسلمين غرة فأسرهم أصحاب رسول الله أسرا ، كما نقل الواقدي عن الزهري عن سعيد بن المسيب (١) وعاد فقال ـ تعالى ـ بعد اربع آيات : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ...)(٢). وفي معناه نقل الطوسي عن ابن عباس قال : كان المشركون بعثوا أربعين رجلا من المسلمين ، فأتوا بهم الى رسول الله فخلّى سبيلهم (٣) فكفّ الله ايدي المسلمين عن قتلهم (٤) بأن حجز بين الفريقين فلم يقتتلا حتى اتفق بينهم الصلح ، فكان اعظم من الفتح (٥).
وردّ الله على ترديد بعض المسلمين في صدق رؤيا النبي في دخول المسجد الحرام مقصّرين ومحلّقين الرءوس فقال : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ ...) ثم اوعز الى تأخيره والعلة في ذلك فقال : (فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا) أنتم من المصلحة في المقاضاة (المصالحة) واجابتهم الى ذلك (فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٦٢١.
(٢) الفتح : ٢٤.
(٣) التبيان ٩ : ٣٣١ ومجمع البيان ٩ : ١٨٦ وعن انس أنهم كانوا ثمانين رجلا.
(٤) مغازي الواقدي ٢ : ٦٢٢ عن الزهري عن سعيد بن المسيب.
(٥) مجمع البيان ٩ : ١٨٧ ونصّ البيان : نزلت في أهل الحديبية وأهل مكة لا في أهل خيبر. ولكنه في معنى : (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) قال : يعني أسدا وغطفان حيث كانوا مع يهود خيبر فصالحهم النبي فكفوا عنه. وقيل : يعني اليهود بالمدينة قبل الحديبية ٩ : ٣٢٩ ـ وقريب منه في مجمع البيان ٩ : ١٧٧ ـ وهذا غريب بعيد.