حالتهم التي جاءهم الاسلام وهم عليها من فداء الاسراء وعقل القتلى أي ديتهم ، وكذلك تركت الأنصار من الأوس والخزرج واليهود منهم على ربعتهم أيضا ، لم تغيّر من ذلك شيئا.
ونفهم أن القود أي القصاص كان مقرّرا وأقرّته هذه المعاهدة ، إلّا أن يرضى وليّ المقتول ، إلّا أنّها استثنت قتل المؤمن قصاصا بكافر. وكذلك قررت المعاهدة قصاص الجراحة أيضا.
ونفهم أن البيّنة بمعنى الشهادة البيّنة كانت مفهومه وأقرّتها المعاهدة في القتل. وطبيعيّ بعد هذه المعاهدة أن البيّنة تقام عند النبيّ أو من أقرّه لذلك حاكما أو قل قاضيا ، أو من تراضى به الخصمان فترافعا إليه ، مع سكوت المعاهدة عن ذلك.
ونفهم أن الغزو والقتال في سبيل الله كانا قائمين ، وقررّت المعاهدة أنه اذا غزت جماعة غزوا فعليهم أن يعقب بعضهم بعضا في الغزو على العدل والتساوي ، فلا يسلم جمع من المؤمنين عن القتال في سبيل الله دون جمع آخرين (١).
وأنه يجوز أن يجير مؤمن ـ ولو من أدنى المؤمنين ـ كافرا. ولكن ليس له أن ينصر كافرا ـ ولو ولده ـ على مؤمن ، ولا أن ينصر محدثا ولا أن يؤويه.
أما الكفار المشركون في المدينة ومن حولها من الأعراب فلا يجوز لأحدهم أن يجير نفسا من مشركيّ قريش ولا مالا له ، فيحول دونه أو دون
__________________
(١) هذا هو الظاهر من هذه المعاهدة ، وإلّا فمن المستبعد جدّا أن تتحدث هذه المعاهدة عن ذلك من دون أن يكون قد بديء به والغريب أن ابن اسحاق ـ وتبعه ابن هشام ـ ذكر هذه المعاهدة قبل ذكر السرايا والغزو ، بل يبدو لي أن هذه المعاهدة كانت بعد عقد الاخوة بين المهاجرين أوّلا وبين المهاجرين والأنصار ثانيا ، وهذه في الرتبة الثالثة ، ولذلك جعلتها هنا بعد الاخوّة وبدء السرايا.