قالوا : الى ان نعبد الله وحده ونخلع ما كان يعبد آباؤنا ، ويدعو الى الصلاة والزكاة ، ويأمر بصلة الرحم ، ووفاء العهد ، وتحريم الزنا والربا والخمر.
فقال المقوقس : هذا نبي مرسل الى الناس كافة ، ولو أصاب القبط والروم لا تبعوه وقد أمرهم بذلك عيسى. وهذا الذي تصفون منه بعث به الأنبياء من قبله ، وستكون له العاقبة حتى لا ينازعه أحد ويظهر دينه الى منتهى الخف والحافر!
فقال وفد ثقيف : لو دخل الناس كلهم ما دخلناه معه.
فأنغض المقوقس رأسه وقال : أنتم في اللعب (١).
فلعل المغيرة حين أغار على الرجال من بني مالك من وفد ثقيف وقتلهم ولحق بالنبي أسلم مندفعا بمثل هذا ، ولما عوتب على ذلك اعتذر بمضمون الخبر ، ولذلك جعل الرسول المقوقس ممن دعاه من الملوك يومئذ.
ارسل الكتاب إليه مع حاطب بن ابي بلتعة القرشي ، وفيه :
بسم الله الرحمنِ الرحيم ، من محمد بن عبد الله ، الى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتبع الهدى.
أمّا بعد فإنّي أدعوك بدعاية الاسلام ، أسلم تسلم [و] يؤتك الله اجرك مرّتين ، فإن تولّيت فإنّما عليك إثم القبط (... يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)(٢).
فجاء به حاطب حتى دخل الاسكندرية فلم يجده واخبر أنه في مجلس مشرف على البحر ، فركب حاطب سفينة وحاذى مجلسه وأشار بالكتاب إليه. فلما
__________________
(١) الاصابة : ٣ في ترجمة حاطب بن ابي بلتعة.
(٢) الاصابة : ٣ في ترجمة حاطب ، وانظر سائر المصادر في مكاتيب الرسول ١ : ٩٧. والآية : ٦٤ من سورة آل عمران.