وروى ابن سعد عن حاطب قال : ما لبثت بباب المقوقس الا قليلا ، وأقمت عنده خمسة أيام (١).
وفي يوم من هذه الأيام أرسل الى حاطب فقال : أسألك عن ثلاث فقال : لا تسألني عن شيء الا صدقتك. قال : إلام يدعو محمد؟ قلت : الى أن نعبد الله وحده ويأمر بالصلاة خمس صلوات في اليوم والليلة ، ويأمر بصيام رمضان ، وحج البيت ، والوفاء بالعهد ، وينهى عن اكل الميتة والدم ...
قال حاطب : فقال المقوقس : صفه لي. فوصفت فأوجزت ، فقال المقوقس قد بقيت أشياء لم تذكرها : في عينيه حمرة قلما تفارقه ، وبين كتفيه خاتم النبوة ، يركب الحمار ، ويلبس الشملة ، ويجتزئ بالتمرات والكسر ، ولا يبالي من لاقى من عم أو ابن عم ... وكنت اعلم أن نبيّا قد بقى ، ولكنني كنت أظن أن مخرجه بالشام ، فهناك كانت تخرج الأنبياء قبله ، وأراه قد خرج في ارض العرب في ارض جهد وبؤس ، والقبط لا تطاوعني في اتباعه ، وسيظهر على البلاد وينزل أصحابه من بعد بساحتنا هذه حتى يظهروا على ما هاهنا. وأنا لا اذكر للقبط من هذا حرفا واحدا ، ولا احبّ أن تعلم بمحادثتي اياك (٢).
واحضره المرة الآخرة فقال له : إنّ القبط لا تطاوعني في اتباعه ، ولا احبّ أن تعلم بمحاورتي إيّاك ، وأنا أظنّ بملكي أن افارقه! وسيظهر على البلاد وينزل
__________________
ـ المقوقس في الكتاب يدعم امكانية بقاء الكتاب وفقا للمصادر حتى اكتشف قبل قرن تقريبا في كنيسة قرب أخميم في صعيد مصر ، ونشرت صورته مجلة الهلال العدد ٢١٩٠٤ ، كما في مكاتيب الرسول ١ : ٩٥.
(١) الطبقات الكبرى ١ : ٢٦٠.
(٢) الاصابة ٤ : ٥٠٣ وانظر مكاتيب الرسول ١ : ١٠٠.