صاروا يطلبونه من الرجال في البلاد ويعطونهم عليه الجعل» ، ثمّ قال : «فأيّ داء أدأى (١) من البخل ولا أضرّ عاقبة ولا أفحش عند الله عزوجل ؟».
قال أبو بصير : فقلت له : جُعلت فداك ، فهل كان أهل قرية لوط كلّهم هكذايعملون؟ فقال : «نعم ، إلاّ أهل بيت منهم من المسلمين ، أما تسمع لقوله تعالى : ( فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ ) (٢) ».
ثمّ قال أبو جعفر عليهالسلام : «إنّ لوطاً لبث في قومه ثلاثين سنة يدعوهم إلى الله عزوجلويحذّرهم عذابه ، وكانوا قوماً لا يتنظّفون من الغائط ، ولايتطهّرون من الجنابة ، وكان لوط ابن خالة إبراهيم ، وكانت امرأة إبراهيم سارة اُخت لوط ، وكان لوط وإبراهيم نبيّين مرسلين منذرين ، وكان لوط رجلاًسخيّاً كريماً يقري الضيف إذا نزل به ، ويحذّرهم قومه».
قال : «فلمّا رأى قوم لوط ذلك منه قالوا له : إنّا ننهاك عن العالمين لاتقرضيفاً ينزل بك ، إن فعلت فضحنا ضيفك الذي ينزل بك وأخزيناك ، فكان لوط إذا نزل به الضيف كتم (٣) أمره مخافة أن يفضحه قومه ، وذلك أنّه لم يكن للوط عشيرة» ، قال : «ولم يزل لوط وإبراهيم يتوقّعان نزول العذاب على قومه ، فكانت لإبراهيم وللوط منزلةٌ من الله عزوجل شريفة ، وإنّ الله عزوجل كان إذا أراد عذاب قوم لوط أدركته مودّة إبراهيم وخُلّته ومحبّة لوط ، فيراقبهم فيؤخّر عذابهم».
قال أبو جعفر عليهالسلام : «فلمّا اشتدّ أسف الله على قوم لوط وقدّر
__________________
(١) في «ج ، س ، ع ، ل» : أوذى.
(٢) سورة الذاريات ٥١ : ٣٥ و٣٦.
(٣) في «ح ، ع» : يكتم.