أجل ، استحوذ (١) عليك الشيطان فأنساك ذكر ربّك ، وتحوّل (٢) إلى الصورة التي كان بها في الجنّة مع آدم عليهالسلام ، فقال لآدم : أين العهد والميثاق؟ فوثب إليه آدم وذكر الميثاق وبكى وخضع له وقبّله وجدّد الإقرار بالعهد والميثاق.
ثمّ حوّله الله عزوجل إلى جوهرة الحجر درّة بيضاء صافية تضيء ، فحمله آدم على عاتقه إجلالاً له وتعظيماً ، فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل حتّى وافى به مكّة ، فما زال يأنس به بمكّة ، ويجدّد الإقرار له كلّ يوم وليلة.
ثمّ إنّ الله عزوجل لمّا أهبط جبرئيل إلى أرضه وبنى الكعبة هبط إلى ذلك المكان بين الركن والباب ، وفي ذلك المكان تراءى لآدم حين أخذ الميثاق ، وفي ذلك الموضع ألقم الملك الميثاق ، فلتلك العلّة وضع في ذلك الركن ، ونحّى آدم من مكان البيت إلى الصفا وحوّاء إلى المروة وجُعل الحجر في الركن فكبّر الله وهلّله ومجّده ، فلذلك جرت السنّة بالتكبيرفي استقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا ، وأنّ الله عزوجل أودعه العهدوالميثاق ، وألقمه إيّاه دون غيره من الملائكة ؛ لأنّ الله عزوجل لمّا أخذالميثاق له بالربوبيّة ، ولمحمّد صلىاللهعليهوآلهبالنبوّة ، ولعليٍّ عليهالسلام بالوصيّة (٣) ، اصطكّت (٤) فرائص (٥) الملائكة.
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : استحوذ عليهم الشيطان أي استولى عليهم وحواهم إليه. النهاية لابن الأثير ١ : ٤٣٩ / حوذ.
(٢) في «ن» : ثمّ تحوّل.
(٣) في «ج ، س ، ل» : بالولاية ، وكذا في حاشية «ش» عن نسخة.
(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : الصكك : أن تضرب إحدى الرجلين الاُخرى عند العدو. النهاية لابن الأثير ٣ : ٤٠ / صكك.
(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : فيه : إنّي لأكره أن أرى ثائراً فرائص رقبته. الفريصة :