______________________________________________________
قد علم أن مناط الولاية في النكاح هذه الأمور ، فلا تثبت إلاّ بواحد منها ، لكن على القول بأن إذن الحاكم ليس شرطا في نكاح السفيه لا يكاد يتحقق للولاية عليه في النكاح معنى.
فان قيل : معنى الولاية عليه منعه في غير محل الحاجة.
قلنا : لكل أحد هذا المنع من باب الحسبة ، فلا معنى للولاية عليه حينئذ.
إذا عرفت ذلك فقد تقدم كثير من أحكام المولّى عليهم ، واستيفاء الباقي هنا.
فاعلم : أن للأب أن يزوج المجنون الكبير عند حاجته إلى النكاح لا بدونها ، لأن لوازم النكاح ـ من المهر والنفقة ـ تقتضي إتلاف ماله من غير حاجة ولا مصلحة في ذلك ، وحصول الولد غير منظور إليه هنا ، لأن الواجب على الولي حفظ المال وصيانته عن التلف ، فيقتصر في ذلك على موضع الحاجة.
وتتحقق الحاجة برغبته في النساء وتتبّعهنّ وتعلّقه بهنّ وطلب الفعل منهنّ وما أشبه ذلك ، وكذا تتحقق إذا احتاج إلى امرأة تخدمه وتتعهده بالقيام به ولا يوجد من يقوم بذلك ، وتكون مؤنة الزواج أخف من شراء أمة تخدمه ، أو لا تتفق أمة تقوم مقام الزوجة في خدمته ، فحينئذ تستأجر ، لئلا ترجع عن الوعد بالخدمة ، فإن ذلك ليس واجبا عليها ، ومثله ما لو ظن شفاؤه بذلك استنادا إلى قول عارف أو تجربة سابقة ، فحينئذ يزوجه الأب أو الجد له ، ومع عدمهما فالحاكم.
ولا يزيد على الواحدة ، لزوال الضرورة بها ، وهذا واضح إذا كان الداعي هو شهوة الجماع أو ظن الشفاء ، أما إذا كان الداعي هو الحاجة إلى الخدمة فإنه يقتضي التعدد ، فحينئذ يزوجه قدر ما تقتضيه الحاجة مراعيا للمصلحة ، وقد أومأ إليه المصنف في التذكرة في نكاح السفيه (١).
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٢ : ٦١٠.