______________________________________________________
واللائق به كلمة كيف لا كلمة أنى.
وما ذكر في سبب النزول معارض بما تقدّم ، ولو سلّم فلا منافاة فيه ، لتعدد المكان ، فإن التخيير في المكان ينبّه على التخيير في الجهة بطريق أولى.
وتشبيه النساء بالحرث لا يقتضي حصر الإتيان في القبل ، مع وجود اللفظ الدال على تعميم المكان ، فإن إتيان الحرث الحقيقي لا ينحصر في الإتيان للزرع ، وقوله تعالى ( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) نقول بموجبه ، فإن الإتيان في القبل إذا كان واجبا لا ينافي جواز الإتيان في الدبر ، إذ ليس في الآية ما يدل على الحصر.
وكأنه لما منع سبحانه من الإتيان في موضع الحيض ، رفع ذلك المنع بعد الطهر بقوله تعالى ( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) (١) ثم عمّم الإتيان في الأمكنة تحرزا من توهم منع ما سوى القبل.
ويزيد ذلك قوة ما روي أن مالكا قال : ما أدركت أحدا اقتدي به في ديني يشك في أن وطء المرأة في دبرها حلال ، ثم قرأ هذه الآية (٢).
وقد روى الأصحاب في الجواز عدّة أخبار منها صحيحة عبد الله بن أبي يعفور ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يأتي المرأة في دبرها ، قال : « لا بأس به » (٣).
ومنها ما رواه ابن أبي يعفور أيضا ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يأتي المرأة في دبرها ، قال : « لا بأس إذا رضيت » قلت : فأين قول الله تعالى : ( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ )؟ قال : « هذا في طلب الولد ، فاطلبوا الولد من حيث
__________________
(١) البقرة : ٢٢٢.
(٢) أحكام القرآن للجصاص ١ : ٣٥١.
(٣) التهذيب ٧ : ٤١٥ ، حديث ١٦٦٢ ، الاستبصار ٣ : ٢٤٣ حديث ٨٧١.