والساباطي : عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ أو ستّة فراسخ ، فيأتي قرية فينزل فيها ، ثمَّ يخرج منها فيسير خمسة فراسخ أخرى أو ستّة ، لا يجوز ذلك ، ثمَّ ينزل في ذلك الموضع ، قال : « لا يكون مسافرا حتّى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ ، فليتم الصلاة » (١).
والمعنى : أنّ الرجل لا يكون مسافرا حتّى يقصد أن يسير من منزله ثمانية فراسخ ، فهذا الشخص يتمّ الصلاة لعدم كونه قاصدا لها ، نعم يقصر في الرجوع لتحقّق القصد.
أو المعنى : هذا الشخص لا يكون مسافرا حتى يسير ثمانية فراسخ ، فإذا سار الثمانية ولو بدون القصد يكون مسافرا ، فقبل ذلك يتمّ الصلاة.
والمعنى الأوّل يوجب جعل سير ثمانية فراسخ بمعنى قصده ، والثاني يوجب تخصيص الأمر بالإتمام بما قبل وصول هذا الرجل الثمانية.
والأول أظهر ، لشيوع إرادة قصد السير من السير في أخبار السفر.
ورواية البجلي ، وفيها : كم أدنى ما يقصر فيه الصلاة؟ قال : « جرت السنّة ببياض يوم » فقلت له : إنّ بياض يوم يختلف ـ إلى أن قال ـ : ثمَّ أومأ بيده أربعة وعشرين ميلا يكون ثمانية فراسخ (٢).
وتدلّ الأخيرة من غير معارض على كون ثمانية فراسخ أربعة وعشرين ميلا ، كما هو اتفاقي بين الفقهاء ، على ما صرّح به غير واحد (٣) ، بل بين العلماء كافة كما في المدارك (٤) ، بل عليه كلّ اللغويين كما في المصباح المنير (٥).
وتدلّ عليه أيضا مرسلة الفقيه : « لمّا نزل عليه جبرئيل بالتقصير قال له
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٢٥ ـ ٦٦١ ، الاستبصار ١ : ٢٢٦ ـ ٨٠٥ ، الوسائل ٨ : ٤٦٩ أبواب صلاة المسافر ب ٤ ح ٣.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٢٢ ـ ٦٤٩ ، الوسائل ٨ : ٤٥٥ أبواب صلاة المسافر ب ١ ح ١٥.
(٣) انظر المعتبر ٢ : ٤٦٧ ، والتذكرة ١ : ١٨٨ ، وكفاية الاحكام : ٣٢ ، والحدائق ١١ : ٣٠١.
(٤) المدارك ٤ : ٤٢٩.
(٥) المصباح المنير : ٥٨٨.